ذنوبي بلائي فما حيلتي * إذا كنت في الحشر حمالها يحاسبها ملك قادر * فأما عليها وإما لها قال فتركته وبت ليلتي فلما أصبح عدت إليه وناديته يا راهب زدني من تلك الحكمة فقال لي صل الفرض واذكر العرض ولا تطلب من أحد الصلة ولا القرض ثم قال متى تهجر الدنيا وتنوي لها بغضا * وتركك للعصيان حقا متى يقضى متى تهجر الدنيا وتنوي بتوبة * وعمرك للدنيا يساق بها ركضا فلا بد بعد الموت أن تسكن البلى * يرضك ثقل اللبن تحت الثرى رضا وتعطي كتابا فيه كل فضيحة * وتشهد أهوال القيامة والعرضا فقم في دياجي الليل لله طايعا * لعل الذي أسخطته لعسى يرضا قال فتركته وبت ليلتي فلما أصبح عدت إليه وناديته يا راهب زدني من تلك الحكمة فقال لي يا هذا شغلتني عن عبادة ربي فقمت إليه مودعا فقال لي كل الصبر والزم الفقر ثم أنشد متى تهدي إلى سبل الرشاد * إذا كنت المصر على الفساد نهارك لاعبا تغتر فيه * وليلك لا تمل من الرقاد فدع ظلم العباد فليس شئ * أضر عليك من ظلم العباد وهي الزاد إنك ذو رحيل * على السفر البعيد على انفراد تأهب للذي لا بد منه * فإن الموت ميقات العباد يسرك أن تكون زميل قوم * لهم زاد وأنت بغير زاد وروينا عن بعض علماء هذا الشأن من أهل الله الناصحين أنفسهم أنه قال ينبغي لمن علم إن له مقاما بين يدي الله عز وجل ليسأله عما أسلف في هذه الدار أن لا يؤثر القليل الحقير على الجزيل الكثير ولا التواني والتقصير على الجد والتشمير ولا سيما إذا كان ممن قد أيده الله منه بإتقان العلم ولقح عقله بدلالات الفهم أن لا يتحير في ظلمة الغفلة التي تحير فيها الجاهلون والعجب كل العجب لأهل هذه الصفة كيف استوحشوا من طاعة الله وأنسوا بغيره وركنوا إلى الدنيا وتقلب حالاتها وكثرة آفاتها ولا زادتهم الدنيا إلا هوانا ولا ازدادوا لها إلا إكراما فما مستيقظ من وسنة يخلع وثيق الغل من عنقه ويهتك جلباب الران عن قلبه وإن من أنصح النصحاء لك يا أخي من حملك من أمرك على المحجة وأمرك بالرحلة ولم يحسن لك سوف وأرجو ولعل ويكون فما رأيت هذه الخصال تورث صاحبها إلا الخسارة والندامة فكابد والتسويف بالعزم وبادروا التفريط بالحزم فقد وضح لكم الطريق والله المستعان والمرشد والدليل (وصية) سئل بعض أهل الله عن أعون ما يجده العبد على تسكين الشهوة فقال الصيام بالنهار والقيام بالليل وحذف الشهوات والتغافل عنها وترك محادثة النفس يذكرها فقيل له فإن الرجل يصوم بالنهار ويقوم بالليل ولا يأكل الشهوات ويجد في نفسه حركة واضطرابا فقال له ذلك من فرط فضل شهوة مقيمة فيه من الأول فليقطع أسباب المادة منها جهده ويمسكها عن نفسه بالهموم والأحزان وتسكين سلطانها بذكر الموت وتقريب الأجل وقصر الأمل وما يشغل القلوب اقطع عن نفسك الشهوات واستقبل مراقبة من هو عليك رقيب والمحافظة على طاعة من هو عليك حسيب نسأل الله تعالى التوفيق على بلاغ الطريق والخروج من كل ضيق إنه قوي شفيق (وصية) في ذكرى قال بعض العلماء من وثق بالمقادير استراح ومن صحح استراح ومن تقرب قرب ومن صفى صفي له ومن توكل وثق ومن تكلف ما لا يعنيه ضيع ما يعنيه وقيل لبعضهم بم ينال العبد الجنة فقال بحسن استقامة ليس فيها روغان واجتهاد ليس معه سهو ومراقبة الله في السر والعلانية وانتظار الموت بالتأهب له والمحاسبة لنفسك قبل أن تحاسب كن عارفا خائفا ولا تكن
(٥٢٣)