فكن من ذاك معتذرا إليه * وقل إني أتيتك مستقيلا فإن تغفر فمجترمي عظيم * وإن عاقبت لم تظلم فتيلا وإن أوليت ذلك ذا وفاء * فقد أودعته شكرا طويلا (ومن الوصايا) أوصى بعض العارفين بالله إنسانا فقال إياك أن تكون في المعرفة مدعيا وتكون بالزهد متحرفا أو تكون بالعبادة متعلقا فقيل له يرحمك الله فسر لنا ذلك فقال أما علمت أنك إذا أشرت في المعرفة إلى نفسك بأشياء أنت معرى عن حقائقها كنت مدعيا وإذا كنت بالزهد موصوفا بحالة وبك دون الأحوال كنت محترفا وإذا علقت قلبك بالعبادة وظننت إنك تنجو من الله بالعبادة لا بالله في العبادة كنت بالعبادة متعلقا (وصية نبوية) قال رسول الله ص في وصيته لأبي هريرة عليك يا أبا هريرة بطريق أقوام إذا فزع الناس لم يفزعوا وإذا طلب الناس الأمان من النار لم يخافوا قال أبو هريرة من هم يا رسول الله حلهم وصفهم لي حتى أعرفهم قال قوم من أمتي في آخر الزمان يحشرون يوم القيامة محشر الأنبياء إذا نظر إليهم الناس ظنوهم أنبياء مما يرون من حالهم حتى أعرفهم أنا فأقول أمتي أمتي فتعرف الخلائق أنهم ليسوا أنبياء فيمرون مثل البرق والريح تغشى أبصار أهل الجمع من أنوارهم فقلت يا رسول الله مر لي بمثل عملهم لعلى الحق بهم فقال يا أبا هريرة ركب القوم طريقا صعبا لحقوا بدرجة الأنبياء آثروا الجوع بعد ما أشبعهم الله والعرى بعد ما كساهم والعطش بعد ما أرواهم تركوا ذلك رجاء ما عند الله تركوا الحلال مخافة حسابه صحبوا الدنيا بأبدانهم ولم يشتغلوا بشئ منها عجبت الملائكة والأنبياء من طاعتهم لربهم طوبى لهم طوبى لهم وددت أن الله جمع بيني وبينهم ثم بكى رسول الله ص شوقا إليهم ثم قال إذا أراد الله بأهل الأرض عذابا فنظر إليهم صرف العذاب عنهم فعليك يا أبا هريرة بطريقتهم فمن خالف طريقتهم تعب في شدة الحساب (وصية) كتبت إلى بعض معارفنا بوصية ضمنتها أبياتا أحرضه فيها على تكملة إنسانيته وهي إن تكن روحا وريحانا * كنت بين الناس إنسانا إنما أعطاك صورته * لتكن في الخلق رحمانا فالذي قد جاز صورته * جاز ما يأتي وما كانا والذي في الغيب من عجب * والذي قد جاءه الآنا والذي يدعوه خالقه * إنما يدعوه محسانا (وأوصى) بعض الصالحين إنسانا فقال أكثر مسائلة الحكماء وليكن أول شئ تسأل عنه العقل لأن جميع الأشياء لا تدرك إلا بالعقل ومتى أردت الخدمة لله فاعقل لمن تخدم ثم أخدم سأل إبراهيم الإخميمي ذا النون أن يوصيه بوصية يحفظها عنه قال وتفعل قال إبراهيم قلت نعم إن شاء الله فقال يا إبراهيم احفظ عني خمسا فإن أنت حفظتهن لم تبال ما ذا أصبت بعدهن قلت وما هن رحمك الله قال عانق الفقر وتوسد الصبر وعاد الشهوات وخالف الهوى وافزع إلى الله في أمورك كلها فعند ذلك يورثك الشكر والرضاء والخوف والرجاء والصبر وتورثك هذه الخمسة خمسة العلم والعمل وأداء الفرائض واجتناب المحارم والوفاء بالعهود ولن تصل إلى هذه الخمسة إلا بخمس علم غزير ومعرفة شافية وحكمة بالغة وبصيرة ناقدة ونفس راهبة والويل كل الويل لمن بلي بخمس حرمان وعصيان وخذلان واستحسان النفس بما يسخط الله والإزراء على الناس بما يأتي وأقبح القبح خمس قبح الفعال ومساوي الأعمال وثقل الظهور بالأوزار والتجسس على الناس بما لا يحب الله ومبارزة الله بما يكره وطوبى ثم طوبى لمن أخلص خمسة من أخلص علمه وعمله وحبه وبغضه وأخذه وعطاءه وكلامه وصمته وقوله وفعله واعلم يا إبراهيم أن وجوه الحلال خمسة تجارة بالصدق وصناعة بالنصح وصيد البر والبحر وميراث حلال الأصل وهدية من موضع ترضاها فكل الدنيا فضول إلا خمسة خبز يشبعك وماء يرويك وثوب يسترك وبيت يكنك وعلم تستعمله ويحتاج أيضا أن يكون معه خمسة أشياء الإخلاص
(٥١٨)