عارفا واصفا لا تكن خصما لنفسك على ربك تستزيده في رزقك وجاهك ولكن كن خصما لربك على نفسك لا تجمع معك عليك ولا تلق أحدا بعين الازدراء والتصغير وإن كان مشركا خوفا من عاقبتك فلعلك تسلب المعرفة ويرزقها وقال ذو النون تعوذوا بالله من النبطي وقيل من القبطي إذا استغرب وهذه وصية عجيبة مجربة قالها مجرب ولها حكاية قال ذو النون المصري رأيت في بربا بموضع يقال له دندرة مكتوبا فيها احذروا العبيد المعتقين والأحداث المتغربين والجند المتعبدين والقبط المستعربين حدثنا بهذا يونس بن يحيى العباسي القصار تجاه الركن اليماني سنة تسع وتسعين وخمسمائة عن أبي بكر بن عبد الباقي عن أبي الفضل بن أحمد عن أحمد بن عبد الله عن محمد بن إبراهيم قال سمعت عبد الحكم بن أحمد بن سلام يقول سمعت ذا النون يقول الحكاية (وصية) إلهية حدثنا العماد عبد الله ابن الحسن المعروف بابن النحاس قال حدثني بدر الجزري قال قال لي علي بن الخطاب الجزري بالجزيرة وكان من الصالحين رأيت الحق في النوم فقال لي يا ابن الخطاب تمن قال فسكت فقال لي يا ابن الخطاب تمن قال فسكت قال ذلك ثلاثا ثم قال لي في الرابعة يا ابن الخطاب أعرض عليك ملكي وملكوتي وأقول لك تمن وتسكت فقال قلت يا رب إن نطقت فبك وإن تكلمت فبما تجريه على لساني فما الذي أقول فقال قل أنت بلسانك فقلت يا رب قد شرفت أنبياءك بكتب أنزلتها عليهم فشرفني بحديث ليس بيني وبينك فيه واسطة فقال يا ابن الخطاب من أحسن إلى من أساء إليه فقد أخلص لله شكرا ومن أساء إلى من أحسن إليه فقد بدل نعمة الله كفرا قال فقلت يا رب زدني فقال يا ابن الخطاب حسبك حسبك (وصية) بل وصايا إلهية أصدق الوصايا وأنفعها ما ورد في القرآن العزيز من أوامر الحق عباده ونواهيه المنزل من حكيم حميد نزل به الروح الأمين على قلب محمد ص ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين فلنذكر منها ما يسره الله على لسان مذكر بذلك القلوب الغافلة وتبركا بكلام الله تعالى وجل فمن ذلك لا تفسدوا في الأرض آمنوا كما آمن الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون وهنا سر لمن تفكر اتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة بشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار أوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنت تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين واستعينوا بالصبر والصلاة واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون توبوا إلى بارئكم كلوا من طيبات ما رزقناكم قولوا حطة كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم آمنوا بما أنزل الله خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا لا تكفر لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا فاعفوا واصفحوا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود لا تموتن إلا وأنتم مسلمون قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره استبقوا الخيرات لا تخشوهم واخشوني اذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون كلوا مما في الأرض حلالا طيبا لا تتبعوا خطوات الشيطان اتبعوا ما أنزل الله من شهد منكم الشهر فليصمه ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام وأتوا البيوت من أبوابها وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام
(٥٢٤)