وما أوهم ولما أقام العصمة مقام الحرس لم يجنح إلى العسس وطالما كان يقول من يحرسنا الليلة مع علمه بأن المقدور كائن والحارس ليس بمانع ما قدر ولا صائن لكن طلب المعبود بذل المجهود وهو يفعل ما يشاء وهذا من الأمور التي شاء وما يشاء إلا ما علم وما علم إلا ما أعطاه الذي هو ثم ومن ذلك كيف للخلق برد دعوة الحق من الباب 321 صورته ردت عليه وبضاعته ردت إليه ما أشبه ذلك بالصدى إذا ظهر بدا فتخيل الصيت أنه غيره وما هو إلا عينه وأمره وما هو الصدى في كل مكان كذلك ما هذا الإدراك لكل إنسان بل ذلك عن استعداد خاص غيره منه في مناص وإن كان من أهل المباص الحق وإن كان واحدا فالاعتقادات تنوعه وتفرقة وتجمعه وتصوره وتصنعه وهو في نفسه لا يتبدل وفي عينه لا يتحول ولكن هكذا يبصره بالعضو الباصر في هذه المناظر فيحصره الأين ويحده الانقلاب من عين إلى عين فلا يحار فيه إلا النبيه ولا يتفطن إلى هذا التنبيه إلا من جميع بين التنزيه والتشبيه وإما من نزه فقط أو من شبه فقط فهو صاحب غلط وهو كصورة خيال بين العقل والحس وما للخيال محل إلا النفس فإنها البرزخ الجامع للفجور والتقوى المانع ومن ذلك الذاهب في جميع المذاهب من الباب 322 من ذهب في كل مذهب لم يبال في أي طريق ينهب من شرد عن كناسه فقد تعرى عن لباسه ومن فارق خيسه فقد عرض بنفسه النفيسة أن نتحكم فيها النفوس الخسيسة الأسد لا يبرح من أجمته لعلو همته قد تعشق بمقام تقديسه بتعريسه في خيسه تتردد إليه أوباش السباع وهم أهل الدفاع والنزاع ألا ترى إلى المتناظرين في مجلس الملك يتنازعون في الكلام ومقدم الجماعة الذي هو الإمام ساكت في مقامه وهم يتفقهون بنزاعهم في عين كلامه فإن تكلم بكلمة فهي الفصل لأنه الأصل فإن نازعه الحديث أحد القوم أساء الأدب فاستوجب الأدب ومن ذلك تواترا لنقله وتضاعف الحملة من الباب 323 إذا اجتمع أهل النحل والملل وجاء الحق في الظلل للقضاء الفصل وليس إلا رد الفرع إلى الأصل هنالك تظهر العلل وما يحمد وما يذم من الجدل وأرباب الدولة مصطفون والوزعة حافون كأنما الطير منهم فوق أرؤسهم * لا خوف ظلم ولكن خوف إجلال هم أهل الهيبة لا الغيبة وأصحاب الوجود لا الخيبة وتطاير الكتب فتتميز الرتب فمنهم الآخذ بيمينه لقوة يقينه ومنهم الآخذ بشماله لا هما له ومنهم الآخذ من وراء ظهره لجهله بأمره لأنهم حين أتاهم به الرسول نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا في الدنيا فبئس ما يشترون في الأخرى ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون باعوا العالي بالدون وابتاعوا الحقير بالعظيم فهم المغبونون ومن ذلك علم ما كتب وكيف رتب من الباب 324 الكتابة للعليم والترتيب للحكيم ما رتبت الحكمة حتى حققت علمه فلما علمت علمه في خلقه رتبته على وفقه ومن وقف مع هذا النظر الأول حار في افعل ولا تفعل وإن كان الأمر والنهي من جملة ما أعطته الحكمة فعلم فلا يرى له أثر فيما سبق من الحكم الذي حكم وهذا هو السر المبهم الذي لا يعلم ولو قدرنا أنه علم كتم أين الاضطرار من الاختيار وأين الاقتصار من الاقتدار وأين التدبير من نفوذ الأقدار ماء ونار ما التقيا إلا لأمر كبار علم في رأسه نار يعرفه المقربون ويجهله الأبرار لو انجلى الغبار لعرف الإنسان هل تحته فرس أو حمار ومن ذلك ملك الملك في الملك من الباب 325 خادم القوم سيدهم فهم الملوك فلو لا الأسماء ما كان السيد المملوك وإذا كانت الأسماء لها الحكم فقد ارتفع الظلم المسمى بحكم اسمه فانتبه فإنه يجيب إذا دعي به فانظر ما أعجب مرتبة الاسم وما أعطى من الأثر في الرسم لا يجيب الحق إلا من دعاه ولا يدعى إلا بأسمائه وهي علم أوليائه وأنبيائه السيد يستخدم العبد بمقاله والعبد يستخدم السيد بحاله ولسان الحال أفصح من لسان المقال لأن الأحكام التي تتضمنها الأقوال إنما تعرف بقرائن الأحوال فإن الاصطلاح قد لا يكون له في كل باب مفتاح ولا سيما النصوص وبهذا العلم يتميز العموم من الخصوص فلله رجال كالعرائس على الكراسي يأكلون من حيث لا يعلمون ومن ذلك مقاومة الخلق الحق من الباب 326 المقاومة تكون بالمحمود فيحمدون وتكون بالمذموم
(٣٩٣)