لجهله بالعين وما فاز أهل الله إلا بشهوده لا بوجوده العلم كله واحد وإن اختلفت المأخذ وتنوعت المقاصد علم الحق من شاء من عباده من لدنه علما وآتاه رحمة من عنده فأعطته الرحمة حكما فتوسط الثبج وتحكم في المهج فأنكر عليه التابع فحل ما ربط وأزال ما اشترط فجهل منصبه ولم يعرف نسبه نعم علم ما به حيي لكن نسي فنسي فمنازل الأفراد في خرق المعتاد فأمورهم خارجة عن إحكام الرسل وحائدة عما شرعوه من السبل وهم في السبل كالخضر وموسى الكليم وقول هود ع إن ربي على صراط مستقيم ومن ذلك غلق الصدور في الصدور من الباب 298 لولا الصدور ما عميت القلوب التي في الصدور ويحق لها أن تعمي لأنها مأمورة بفك المعمى وقيدت بالأجل المسمى كانت في حضرة سارخة والأمور عندها واضحة أعطاها ذلك الورود على الوجود فقال لها الحق بضاعتك ردت إليك وما نزلت إلا بك عليك هذه منحك التي أعطيتنيها وعلومك التي خولتنيها فما أعماك سواك وأنا المنزه عن هذا وذاك أنا الغني عن عينك وأنت الفقير إلي في كونك فلما صدرت عني بكونك ولم تشهدني في عينك عميت في صدورك عمن أوجدك ولو أشهدك فإن شهود الحق لا ينضبط مع أنه مع العالم مرتبط وهذه المسألة من أغمض المسائل على السائل لا بظهوره في كوني ولا بغناه عن عيني فعلى ما تعول فيه ومن ذلك يبدي الأسرار صدر النهار من الباب 299 صدور المجالس حيث كان الرؤساء والرئيس الكبير من تحكم بأحوالها عليه الجلساء فهو وإن كان معدن النفوس الرئيس المرؤوس ألا ترى إلى الحق ما له تصرف إلا في شؤون الخلق فيؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فيتخيل إن المشيئة هنا ضميرها الرحمن وما ضميرها إلا من وهو عين الأكوان لأنا قد قررنا فيما مضى أن الذي كانوا عليه في ثبوتهم هو عين القضاء فالكون أعطاه العزل والولاية والعز والذل والرشد والغواية فحكم عليه بما أعطاه فما قسط ولا جار فإنه نعم الحاكم والجار للحاكم التقاضي والحكم للماضي في الخصم للخصم لا للقاضي فالخصم في التحيق عين القاضي فافهم ومن ذلك النيل لأهل الليل من الباب 300 ما ظهرت قدرة الحي القيوم إلا في إنشاء الجسوم وما ثم إلا رسم فما ثم إلا جسم لكن الأجسام مختلفة النظام فمنها الأرواح اللطائف ومنها الأشباح الكثائف وما عدا الحق الذي هو المنهاج فهو امتزاج وأمشاج والصفات والأعراض توابع لهذا الجسم الجامع فإنه مركب والمركب مركب ومن أراد العلم بصورة الحال فليحقق علم الخيال فيه ظهرت القدرة وهو الذي أنار بدره فلا ينقلب إلا في الصور ولا يظهر إلا في مقام البشر ولست أعني بالبشر الأناسي فإني كنت أشهد على نفسي بإفلاسي وأنا عالم زماني لعلمي بالأواني فما ثم إلا وعاء وآنية ملا فتدبر تتبصر ومن ذلك الهمس في مراعاة الشمس من الباب 301 خشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا لما دكت الأرض دكا وبست الجبال بسا فإذا قرئ القرآن المبين فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون فإنه ما جاء بالكلام إلا للأفهام فإذا خالج السامع القاري في قراءاته فقد شهد من الفهم براءته وأساء الأدب فأسخط الله فغضب ومن غضب الله عليه فقد عطب يقول ص أيكم خالجنيها ومالي أنازع القرآن وأي برهان أعظم من هذا البرهان الرسول حاز الآداب وجاء بالكتاب وخاطب أولي الألباب وما خص أعداء من أحباب بل عم الخطاب فمنا من أصاب ومنا المصاب كل من علم ما لم يعلم فهو ملهم فالوحي شامل ينزل على الناقص والكامل أيسره اللمة وما هم به مما أهمه ومن ذلك الجنين في كبد إلى أن يولد من الباب 302 الجنين في ظلمة غمه ما دام في بطن أمه يتحكم فيه من طعن في أبيه خدمه وأقامه حرمه ليجبر بذلك صدع ما وقع منه فيعفو من بغي عليه عنه ومع أنه في المقام الأوسع فما أودع فيه سوى أربع لأنه مركب من أربع فأودعه الرزق والأجل والرتبة والعمل كل قسم لواحد من أخلاطه أقامه لفسطاطه فلما علم الجنين أنه محل كل زوج بهيج وأنه في أمر مريج أراد الخروج بطلب الصعود والعروج فأخرجه على الفطرة التي كان عليها أول مرة من قبل أن يقذف في الرحم لما عصم ورحم فجعل له عينين ولسانا وشفتين وهداه النجدين وعرف لما خلق
(٣٨٩)