ومنعه لحكمه فلا يتهم رب الكرم كيف يتهم الفاني أنه بخيل بالفاني وهو إذا آمن باللقاء فما جعل أعطيته إلا في خزانة البقاء من نقل ما له من خزانته إلى خزانته كيف يقال بعلو منزلته في الجود ومكانته فما خزن من ماله اختزن فلا كريم إلا القديم ومن ذلك الباقي يلاقي من الباب 228 عظمت بالكرم مكانتي وما خرج شئ من خزانتي لو لم يكن إلا الثناء فما ثم بيع ولا شراء لا يقال في التاجر إلا بار وفاجر ولا يوصف بالكرم فما في الوجود إلا تاجر لمن فهم ما شئ أحب إلى الله من أن يمدح وما يمدح إلا بما منح فما جاد الكريم إلا على ذاته بما يحمده من صفاته وانتفع العير بالعوض بحكم العرض وإن سعى الكريم في إيصال الراحة للمعطي ونفعه فلجهله بعطائه ومنعه فمن كرم وجاد وتخيل أن له فضلا على العباد فما جاد فإن الإحسان تبطله المنة مع طلب الامتنان والمنة أذى فاعلم ذا ومن ذلك الجامع واسع من الباب 229 لو لم يكن في الجامع اتساع ما كان جامعا بالإجماع قلب المؤمن جامع للواسع فغاية اتساعه على مقداره واتساعه على قدر أنواره فتجول الأبصار على قدر ما تكشف له الأنوار ويكون السرور على قدر ما يحصل لك من الكشف بذلك النور الله نور السماوات والأرض فقد عم الرفع والخفض فصاحب البصر الحديد يدرك به ما يريد ولهذا إرادة المحدث قاصره ودائرته ضيقة متقاصرة ألا تراه ألبسه على ما قلناه في الخبر فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وهي جنة محصورة والأمور فيها مقصورة فكيف بمن لا يأخذه حصر ولا يسعه قصر كيف ينضبط شأنه أو يحد مكانه من مكانه عينه جهل ولو عرف كونه ومن ذلك الطارق مفارق من الباب 230 الطارق هو الآتي ليلا يبتغي نيلا الصائد نهارا وليلا تفاءلا باسمهما ليجمع بينهما فيقطع النهار صياما والليل قياما فما قصدهما بالذكر دون سائر الطير إلا لما يكون فيهما من الخير يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا إن لك في النهار سبحا طويلا ثم أتموا الصيام إلى الليل تحصلوا على جزيل النيل النهار معاش والليل رياش فليكن قوتك في معاشك الله ورياشك زينة الله كذا قال سهل وهو للسيادة أهل قيل له ما القوت قال الله قيل له إنما سألناك عن الغذاء قال الله قيل له الذي يقوم به هذه البنية قال ما لكم ولها دع الدار إلى بانيها إن شاء عمرها وإن شاء خربها وما تقوم إلا بالله فالعارف يقول في هذا الغذاء ألغ ذا ومن ذلك الحكيم له التحكيم من الباب الأحد والثلاثين ومائتين يعلم ما تعطيه المواطن في الظواهر والبواطن لأنه الثابت القاطن يعطي كل ذي حق حقه اقتداء بربه الذي أعطى كل شئ خلقه فالعارف بسره وقلبه من تأسي بربه العدل من شيمة والقبول والإقبال من كرمه لا يتعدى الحكيم ما رتبه القديم العليم من عرف الحكم تحكم ومن يعرف الحكم حكم هو القاضي وإن لم يلي وهو النبي وإن دعى بالولي إشارة الولي في اللفظ لي ومن كان له فقد بلغ أمله فما حكم به الولي في الخلق أمضاه الحق وإن رده الحاكم الجائر فقد رد كلام الواحد القاهر فلا يلتفت إلى رده فإنه من صدق وعده وهو لا يخلف الميعاد فلا بد من رد أهل الإلحاد العقد الصحيح إن كل ما سوى الله ريح كان بعض مشايخنا يقول من باب الإشارة فسخرنا له الريح الريح تهب ولا تثبت فأثبت ومن ذلك الفوائد في الزوائد من الباب 232 قل رب زدني علما تزدد حكما من علم يرجع إليه فتوكل في تحصيله عليه إنما سميت بالزوائد لأنه ما زاد على الواحد فهو زائد وكل زائد واحد فما زاد عليه سوى نفسه فقل بالشخص لا بنوعه وجنسه فإن راعيت أحدية الكثرة فقد نبهناك على ذلك غير مرة زوائد الحروف عشرة كالمقولات الجامعة بين العلل والمعلومات وقد أودعناها باب النفس بفتح الفاء من هذا الكتاب بين إيجاز وإسهاب وحروف الزوائد أسلمني وناه فانظر ما أحسن هذا الجمع بالله ما أحسن ما جمع ولقد قال فصدع تاه المعروف والعارف فأين المعارف تاه المعروف من التيه وتيه العارف بحيرته فيه أسلم العارف لنفسه فأراد أن يلحقه بجنسه فلما تحقق علم أنه ما يلحق فأسلمه بأن قال لا أحصي ثناء عليك فهذه بضاعتك رددناها إليك ومن ذلك الإرادة مستفادة من الباب 233 الإرادة صفة اختصاص فلها المباص والمناص ولهذا وصف نفسه بالمقدم والمؤخر
(٣٧٦)