لتعين الشكر ولو تعين الشكر لزال المكر فلا بذل فلا فضل فمن شكر مكر لذا قرن الله الزيادة بالشكر لما فيها من المكر فناط به الزيادة وخاطب بذلك عباده فقال ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وما قال لأنقصنكم فاشكر للمزيد في حق الحق والعبيد فإذا شكر الحق زاد العبد في عمله وإذا شكر العبد زاده الحق فوق أمله بقول الله يخاطب عباده للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وهي جزاء الشكر فلا تأمن المكر ومن ذلك الغرام اصطلام من الباب 239 نار المحبة لا تخمد ودمعها لا تنفد وقلقه لا يبعد وحرقه لا يبعد في التراب ينام وإن كان صاحب اصطلام فإن الغرام رغام الذلة بالمحب صاحب الغرام منوطة والمسكنة به مشروطه ونفسه أبدا مقبوضة غير مبسوطة وعقده براحات الأماني أنشوطه يسرع إليها الانحلال وهي وإن كانت مقيمة في زوال فهي كالظل إذا فاء وكالقاصر المشية إذا شاء الاصطلام نار لها اضطرام تشعلها الأهواء إلا أنه تطفئها بتواليها الأنواء فتلحقها بالرغام فلذلك حكمنا بالاصطلام على المنعوت بين المحبين بالغرام ومن ذلك الراغب طالب من الباب 240 كم بين الرغبة عنه والرغبة فيه عبد مصطفى وعبد لا يصطفيه عناية أزلية بسعادة أبدية وخذلان سبق وكل ذلك حق أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد فجمع بين المطرود والمجتبى ومن أطاع ومن أبى في عبودية القصاص لا في عبودة الاختصاص عبد يصلح الله بينه وبين خصمه فيسعده وعبد يأمر به إلى النار بعد له وحكمه فيبعده مع القول بعدم الاستحقاق ومفارقة الوفاق وكلاهما عاصيان وما هما سيان يا ليت شعري لم كان ذلك عاص ناج وعاص هالك عبدان لمالك واحد وما ثم أمر زائد إن كان لعمارة الدار فلما ذا يخرج بالشفاعة ولا يبقى مع الجماعة ما ذاك إلا لما قيل في بعض الأشعار ماء ونار ما التقيا إلا لأمر كبار ومن ذلك قول العلام لا رهبانية في الإسلام من الباب الأحد والأربعين ومائتين الراهب يترك بحكم الحق وما انقطع إليه ولم يكفره بل سلم له ما هو عليه ما ذاك إلا لانفراده وانتزاحه عن عباده فأنبأنا هذا الدليل الواضح أن التكليف شرع للمصالح فلو دخل مع الجماعة في العمل لا لحقه في الحكم ممن أسر وقتل فلا تتعرضوا لأصحاب الصوامع فإن نفوسهم سوامع ترى أعينهم عند السمع تفيض من الدمع ما لهم علم بما هم عليه الناس من الالتباس تجنبوا الحيف وتدرعوا بالخوف وتركوا نجدا واستوطنوا الخيف لمعرفتهم ضعفهم وعدم قوتهم فاختاروا السهل من الأرض وقالوا هذا هو الفرض فإن الحق أمر في الدين بالرفق فمن رفق بنفسه فقد وفاها ما عين الحق لها وما جار عليها وما خذلها فمن رهب سلم وما عطب ومن ذلك التوصل توسل من الباب 242 الفضيلة عند من ابتغى إلى الله الوسيلة في التعمل وإن لم يعمل تحصيل ما لديه مع كونه ما وصل إليه ما تحصل نتيجة العمل لمن لم يعمل إلا لمن اجتهد ولم يكسل وأما مع الكسل فما وصل ولا توصل ابذل المجهود وما عليك أن لا تتصف بالوجود أنت الواجد وإن لم تعرف عند الذائق المنصف لما لم يعمل جهل الميزان فجهل ما وجده لعدم معرفة الأوزان وما علم ما حصل له بذل المجهود من الوجود فهو علم ذوق لا يؤكل إلا من فوق ولو أكل من تحت رجله لوزنه من العمل بمثله فعلم قدره وعرف أمره فالتعمل من إقامة الكتب وبه تحصل الرتب ومن ذلك الوجد فقد من الباب 243 الوجد فجأة فتح الباب فإن كان عن تواجد فهو حجاب من لم يجد لم يجد لا بل من لم يجد لم يجد دليل الكرم البذل وبرهان العدل إعطاء الفضل وهو الأتم عند أصحاب الهمم فما أعطى الله إلا الفضل الذي قال فيه وابتغوا من فضل الله ولهذه الآثار استحال عليه الإيثار فعطاء الله كله فضل وهو أعلى البذل من آثر على نفسه فهو الخاسر وإن نجا فإنه ترك الأولى عند ما وقع إليه الالتجاء لو كان مؤمنا لعلم أنه قد باع نفسه من الله والمبيوع لمن اشتراه وحق الله أحق من حق الخلق لكن الدعوى أوقعته في هذه البلوى فسمي مؤثرا وميز مؤثرا والجار أحق بصقبه والصدقة مضاعفة في رحمه ونسبه ومن ذلك من شهد وجد من الباب 244 ما حصل على الوجود إلا من زهد في الموجود من رأى للكون عينا مستقلة فهو صاحب علة وليس بصاحب نحلة ما قال بالعلل إلا القائل بأن العالم لم يزل فإني للعالم بالقدم وما له في الوجوب النفسي الوجودي قدم إنما له الرتبة الثانية وهي الباقية الفانية
(٣٧٨)