لينتفع به من لا يستغني عن قيام الحوادث به ولا يعري عنها فوجود كل واحد منهما موقوف على صاحبه من وجه لا يدخله الدور فيستحيل الوقوع القوي المتين هو ذو القوة لما في بعض الممكنات أو فيها مطلقا من العزة وهي عدم القبول للأضداد فكان من القوة خلق عالم الخيال ليظهر فيه الجمع بين الأضداد لأن الحس والعقل يمتنع عندهما الجمع بين الضدين والخيال لا يمتنع عنده ذلك فما ظهر سلطان القوي ولا قوته إلا في خلق القوة المتخيلة وعالم الخيال فإنه أقرب في الدلالة على الحق فإن الحق هو الأول والآخر والظاهر والباطن قيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت الله قال بجمعه بين الضدين ثم تلا هذه الآية وإن لم تكن من عين واحدة وإلا فما فيها فائدة فإن النسب لا تنكر فإن الشخص الواحد قد تكثر نسبه فيكون أبا وابنا وعما وخالا وأمثال ذلك وهو هو لا غيره فما حاز الصورة على الحقيقة إلا الخيال وهذا ما لا يسع أحدا إنكاره فإنه يجده في نفسه ويبصره في منامه فيرى ما هو محال الوجود موجودا فتنبه لقوله إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين الولي هو الناصر من نصره فنصرته مجازاة ومن آمن به فقد نصره فالمؤمن يأخذ نصر الله من طريق الوجوب فإنه قال وكان حقا علينا نصر المؤمنين مثل وجوب الرحمة عليه سوء قال تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة لمن عمل سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح وأين هذا من اتساعها فنصرة الله تشبه رحمة الوجوب وتفارق رحمة الامتنان الواسعة فإنه ما رأينا فيما أخبرنا به تعالى نصرة مطلقة وإنما رأيناها مقيدة إما بالإيمان وإما بقوله إن تنصروا الله ينصركم وهنا سر من أسرار الله تعالى في ظهور المشركين على المؤمنين في أوقات فتدبره تعثر عليه إن شاء الله فما ورد حتى نؤمن به إلا أن الايمان إذا قوى في صاحبه بما كان فله النصر على الأضعف والميزان يخرج ذلك وقولي هذا ما كان لقوله والذين آمنوا بالباطل فسماهم مؤمنين ولكن تحقق في إيمانهم بالباطل إنهم ما آمنوا به من كونه باطلا وإنما آمنوا به من كونهم اعتقدوا فيه ما اعتقد أهل الحق في الحق فمن هنا نسب الايمان إليهم وبما هو في نفس الأمر على غير ما اعتقدوه سماه الحق لنا باطلا لا من حيث ما توهموه الحميد بما هو حامد بلسان كل حامد وبنفسه وبما هو محمود بكل ما هو مثنى عليه وعلى نفسه فإن عواقب الثناء عليه تعود المحصي كل شئ عددا من حروف وأعيان وجودية إذ كان التناهي لا يدخل إلا في الموجودات فيأخذه الإحصاء فهذه الشيئية شيئية الوجود وفي قوله وأحصى كل شئ عددا المبدئ هو الذي ابتدأ الخلق بالإيجاد في الرتبة الثانية وكل ما ظهر من العالم ويظهر فهو فيها وما ثم رتبة ثالثة فهي الآخر والأولى للحق فهو الأول فالخلق من حيث وجوده لا يكون في الأول أبدا وإنما له الآخر والحق معه في الآخر فإنه مع العالم أينما كانوا وقد تسمى بالآخر فاعلم المعيد عين الفعل من حيث ما هو خالق وفاعل وجاعل وعامل فهو إذا خلق شيئا وفرع خلقه عاد إلى خلق آخر لأنه ليس في العالم شئ يتكرر وإنما هي أمثال تحدث وهي الخلق الجديد وأعيان توجد المحيي بالوجود كل عين ثابتة لها حكم قبول الإيجاد فأوجدها الحق في وجوده المميت في الزمان الثاني فما زاد من زمان وجودها فمفارقتها وانتقالها لحال الوجود الذي كان لها موت وقد يرجع إلى حكمها من الثبوت الذي كان لها فمن المحال وجودها بعد ذلك حتى تفرع وهي لا تفرع لعدم التناهي فيها فافهم وفي تقييدي هذا الباب في هذه المسألة سمعت منشدا ينشد من زاوية البيت لا أرى له شخصا لكني أسمع الصوت ولا أدري لمن يخاطب بذلك الكلام وهو أوص فإنك رائح * لمنزل أنت رابح * فيه لأنك ممن * له قبول النصائح قد صاح في جانب * الدار للمنية صائح * وقد دعاك إليه * فلا تجب بالنوائح وقد أتاك رسول * منه بخير المنائح * لقاء ربك فيها * وفيه كل المصالح فهو بالنسبة إلى رؤية الله قريب وقد يكون بالنسبة إلينا بعيد مثل قوله في المعارج إنهم يرونه بعيد أو نراه قريبا الحي لنفسه لتحقيق ما نسب إليه مما لا يتصف به إلا من من شرطه أن يكون حيا القيوم لقيامه على كل نفس بما كسبت الواجد بالجيم لما طلب فلحق فلا يفوته هارب كما لا يلحقه في الحقيقة طالب معرفته الواحد
(٣٢٥)