الغافر بنسبة اليسير إليه الغفور بما أسدل من الستور من أكوان وغير أكوان القهار من نازعه من عباده بجهالة ولم يتب الوهاب بما أنعم به من العطاء لينعم لا جزاء ولا ليشكر به ويذكر الكريم المعطي عباده ما سألوه منه الجواد المعطي قبل السؤال ليشكروه فيزيدهم ويذكروه فيثيبهم السخي بإعطاء كل شئ خلقه وتوفيته حقه الرزاق بما أعطى من الأرزاق لكل متغذ من معدن ونبات وحيوان وإنسان من غير اشتراط كفر ولا إيمان الفتاح بما فتح من أبواب النعم والعقاب والعذاب العليم بكثرة معلوماته العالم بأحدية نفسه العلام بالغيب فهو تعلق خاص والغيب لا يتناهى والشهادة متناهية إذا كان الوجود سبب الشهود والرؤية كما يراه بعض النظار وعلى كل حال فالشهادة خصوص فإن من يقول إن العلة في الرؤية استعداد المرئي فما ثم مشهود إلا الحق وما وجد من الممكنات وما لم يوجد وبقي المحال معلوما غيبا لم يدخل تحت الرؤية ولا الشهادة القابض بكون الأشياء في قبضته والأرض جميعا قبضته وكون الصدقة تقع بيد الرحمن فيقبضها الباسط بما بسطة من الرزق الذي لا يعطي البغي بسطة وهو القدر المعلوم وإنه تعالى يقبض ما شاء من ذلك لما فيه من الابتلاء والمصلحة ويبسط ما شاء من ذلك لما فيه من الابتلاء والمصلحة الرافع من كونه تعالى بيده الميزان يخفض القسط ويرفعه فيرفع ليؤتي الملك من يشاء ويعز من يشاء ويغني من يشاء الخافض لينزع الملك ممن يشاء ويذل من يشاء ويفقر من يشاء بيده الخير وهو الميزان فيوفي الحقوق من يستحقها وفي هذه الحال لا يكون معاملة الامتنان فإن استيفاء الحقوق من بعض الامتنان أعم في التعلق المعز المذل فأعز بطاعته وأذل بمخالفته وفي الدنيا أعز بما أتى من المال من أتاه وبما أعطى من اليقين لأهله وبما أنعم به من الرياسة والولاية والتحكم في العالم بإمضاء الكلمة والقهر وبما أذل به الجبارين والمتكبرين وبما أذل به في الدنيا بعض المؤمنين ليعزهم في الآخرة ويذل من أورثهم الذلة في الدنيا لإيمانهم وطاعتهم السميع دعاء عباده إذا دعوه في مهماتهم فأجابهم من اسمه السميع فإنه تعالى ذكر في حد السمع فقال ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ومعلوم إنهم سمعوا دعوة الحق بآذانهم ولكن ما أجابوا ما دعوا إليه وهكذا يعامل الحق عباده من كونه سميعا البصير بأمور عباده كما قال لموسى وهارون إنني معكما أسمع وأرى فقال لهما لا تخافا فإذا أعطى بصره الأمان فذلك معنى البصير لا أنه يشهده ويراه فقط فإنه يراه حقيقة سواء نصره أو خذله أو اعتنى به أو أهمله الحكم بما يفصل به من الحكم يوم القيامة بين عباده وبما أنزل في الدنيا من الأحكام المشروعة والنواميس الوضعية الحكمية كل ذلك من الاسم الحكم العدل بحكمه بالحق وإقامة الملة الحنيفية قل رب احكم بالحق فهو ميل إليه إذ قد جعل للهوى حكما من اتبعه ضل عن سبيل الله اللطيف بعباده فإنه يوصل إليهم العافية مندرجة في الأدوية الكريهة فأخفى من ضرب المثل في الأدوية المؤلمة المتضمنة الشفاء والراحة لا يكون فإنه لا أثر لها في وقت الاستعمال مع علمنا بأنها في نفس استعمال ذلك الدواء ولا نحس بها للطافتها ومن باب لطفه سريانه في أفعال الموجودات وهو قوله والله خلقكم وما تعملون ولا نرى الأعمال إلا من المخلوقين ونعلم أن العامل لتلك الأعمال إنما هو الله فلولا لطفه لشوهد الخبير بما اختبر به عباده ومن اختباره قوله حتى نعلم فنرى هل ننسب إليه حدوث العلم أم لا فانظر أيضا هذا اللطف ولذلك قرن الخبير باللطيف فقال اللطيف الخبير الحليم هو الذي أمهل وما أهمل ولم يسارع بالمؤاخذة لمن عمل سوءا بجهالة مع تمكنه أن لا يجهل وأن يسأل وينظر حتى يعلم العظيم في قلوب العارفين به الشكور لطلب الزيادة من عباده مما شكرهم عليه وذكرهم به من عملهم بطاعته والوقوف عند حدوده ورسومه وأوامره ونواهيه وهو يقول ولئن شكرتم لأزيدنكم فبذلك يعامل عباده فطلب منهم بكونه شكورا أن يبالغوا فيما شكرهم عليه العلي في شأنه وذاته عما يليق بسمات الحدوث وصفات المحدثات الكبير بما نصبه المشركون من الآلهة ولهذا قال الخليل في معرض الحجة على قومه مع اعتقاده الصحيح أن الله هو الذي كسر الأصنام المتخذة آلهة حتى جعلها جذاذا مع دعوى عابديها بقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فنسبوا الكبر له تعالى على آلهتهم فقال إبراهيم ع بل فعله كبيرهم وهنا الوقف ويبتدئ هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فلو نطقوا لاعترفوا بأنهم
(٣٢٣)