فالغلبة في كلامهم قد تلاحظ بالنسبة إلى نوع الانسان، فيحصل الاحتراز عن مثل السلق والشلغم والجزر والخس وغير ذلك، فإن اقتيات الانسان بها في غاية الندرة، ولا ينصرف القوت في الأخبار إلى أمثال ذلك.
وإلى هذا ينظر كلام المحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة وغيرهما (1)، فذكر الحنطة والشعير وغيرهما من الأجناس للمثال، لا للتعيين كما هو واضح.
وقد يلاحظ بالنسبة إلى البلاد والأقطار، يعني كل قطر يخرج من القوت الغالب عندهم، كالأرز عند أهل طبرستان، واللبن عند أهل البوادي، وهذا الاحتراز ليس على حذو الاحتراز السابق كما بيناه، بل مرادهم من هذه الملاحظة والتقييد هو إما بيان نفس الجواز وعدم وجوب تحصيل الأعلى، لا عدم جواز الأدون، أو بيان الاستحباب كما سيجئ في تأويل خبر الهمداني (2).
وقد يلاحظ بالنسبة إلى الشخص المعطى، وهو أيضا إنما يثمر في أحد المعنيين الأخيرين، فلو كان أهل بلد مقتاتين بالحنطة وواحد منهم يقتات بالأرز مثلا نقول:
يجوز عليه اخراج الحنطة أو الشعير إن كان أدون، ولا يجب عليه اخراج التمر والزبيب، إن كانا أعلى.
ويستحب عليه اخراج الأرز - لا الأدون ولا الأعلى - على ظاهر رواية الهمداني بناءا على إطلاق حمل الشيخ إياها على الاستحباب (3)، فقولهم في مقام بيان الجنس وتحديد ماهية الفطرة حيث يعبرون به بأنه يخرج غالب قوته أو غالب قوت بلده، لا بد أن يحمل على ما ذكرناه في معنى كلام المحقق، وهو أن المراد عدم وجوب تحصيل الأعلى وكفاية ما يقتات.
وحيث يعبرون بأنه يخرج ما كان قوتا غالبا أنه لا يجوز اخراج ما هو غير غالب