وتمسك ابن إدريس بمثل ذلك، وبأن التوكيل إنما ثبت فيما يستحق الموكل المطالبة به، والزكاة لا يستحقها واحد بعينه ولا يملكها إلا بعد القبض.
أقول: عمومات الوكالة تشمله.
نعم، لما ذكروا أن شرط صحة التوكيل تملك الموكل لذلك الفعل وتسلطه عليه من حين عقد الوكالة إلى حين الفعل، وادعى عليه بعضهم الاتفاق، فيمكن الخدش فيما لو وكله لأن يأخذ الزكاة بمعنى أن يطلب الزكاة وكالة عنه من شخص خاص أو حيث ما وجد يأخذ; فإن ذلك لا يتم له إلا مع إعطاء المالك; لعدم استحقاق شخص خاص لزكاة شخص خاص.
والقول " بأنه يوكله في أنه لو أعطاه أحد زكاته فيأخذ نيابة عنه، وهذا مما يملكه ويتسلط عليه " يمكن دفعه بأنه يستلزم تعليق الوكالة، وقد ذكروا اشتراط التنجيز فيها، وادعى بعضهم الاجماع عليه أيضا.
إلا أن يقال: التعليق هنا في الموكل فيه لا الوكالة، وذلك من باب أنت وكيل في بيع عبدي إذا قدم الحاج، بأن يكون الشرط قيدا للبيع لا الوكالة، وادعى العلامة على صحته الاجماع، وليس من باب قول الموكل: إن لم أجئ من سفري هذا بعد سنة فأنت وكيل في تطليق زوجتي، أو إن كانت زوجتي فعلت كذا فأنت وكيلي في تطليقها.
وكيف كان، فالظاهر أنه لا اشكال في التوكيل فيما لو وعد أحد الفقير أن يعطيه الزكاة فيوكل غيره في أخذها.
ولا بد من ثبوت الوكالة بالإقرار أو البينة أو غيرهما، والظاهر عدم الاحتياج إلى الحاكم في البينة.
والظاهر جواز الإعطاء بدون الثبوت أيضا، لكن براءة الذمة حينئذ مراعاة بحصول العلم بالوصول إلى الفقير ظاهرا، وفي نفس الأمر.
وأما وكيل المالك فلا يحتاج جواز الأخذ من يده إلى الإثبات للفقير، بل يكفي كونه في يده وتصرفه فيه كسائر المعاملات مثل البيع والطلاق وغيره، غاية الأمر بقاء