المقاصير حائلة وساترة مع كون الناس يصلون خلفها استدرك عليه السلام وبين أن هذه المقاصير التي يصلي خلفها الناس الآن لم تكن في الصدر الأول من زمنه صلى الله عليه وآله ولا ما قاربه وإنما هي شئ محدث، ولا يجوز الصلاة خلفها لحصول الستر والحيلولة بها. هذا هو ظاهر سياق الخبر المذكور وهو الذي فهمه الأصحاب منه كما نقله عن المحقق ومثله العلامة وغيرهما، فقوله (قدس سره) إن الغالب في تلك المقاصير أن تكون مشبكة مع كونه مجرد دعوى مخالف لظاهر النص، ومن أين علم أن تلك المقاصير التي كانت في زمانهم (عليهم السلام) كانت مشبكة لو ثبت كونها في زمانه كذلك.
وبالجملة فإن استدلال الشيخ بالخبر المذكور على ما ادعاه ليس له وجه إن ثبت ما نقلوه عنه من أنه استدل بخبر زرارة، ومن المحتمل قريبا عندي أن هذا الاستدلال إنما هو من كلام الأصحاب وإن أسندوه إليه ظنا منهم استناده في ذلك إلى الخبر المذكور كما وقع في المختلف في استدلاله للأقوال التي ينقلها فيه وإن أسند ذلك إلى صاحب القول، كما لا يخفى على من تأمل ذلك بعين التحقيق.
هذا. ولا يخفى أن صاحب الذخيرة نقل أن الشيخ في المبسوط وافق المشهور في جواز الصلاة خلف الشبابيك وإنما خالفهم في الخلاف، والمفهوم من كلام الذكرى أن خلافه إنما هو في المبسوط حيث قال: ولو كانت المقصورة مخرمة صحت كالشبابيك، ويظهر من المبسوط وكلام أبي الصلاح عدم الجواز مع حيلولة الشباك لرواية زرارة مع اعتراف الشيخ بجواز الحيلولة بالمقصورة المخرمة ولا فرق بينهما. انتهى.
أقول: لا يخفى على من لاحظ عبارة المبسوط في هذا المقام أنها غير خالية من التدافع والتناقض في هذه الأحكام ومنه وقع الاشتباه في ما نقل عنه من هذا الكلام، حيث قال: الحائط وما يجري مجراه مما يمنع من مشاهدة الصفوف يمنع من صحة الصلاة والاقتداء بالإمام، وكذلك الشبابيك والمقاصير تمنع من الاقتداء