الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ١١ - الصفحة ٩٦
فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان حيال الباب. قال: وهذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس وإنما أحدثها الجبارون وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة. قال: وقال أبو جعفر عليه السلام ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان إذا سجد. قال وقال: أيما امرأة صلت خلف إمام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة. قال قلت: فإن جاء انسان يريد أن يصلي كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل؟ قال: يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا ".
وتحقيق الكلام في هذا المقام أن يقال قد عرفت أنه لا يجوز الحيلولة بين الإمام والمأمومين ولا بين المأمومين بعضهم مع بعض بما يمنع المشاهدة من الحائل فلو لم يمنع المشاهدة كالحائل القصير المانع حالة الجلوس خاصة والشباك المانع من الاستطراق دون المشاهدة فلا بأس بالصلاة والحال هذه، وبذلك صرح معظم الأصحاب ومنهم الشيخ في المبسوط على ما نقله في الذخيرة، وخالف في الخلاف فقال من صلى وراء الشبابيك لا تصح صلاته مقتديا بصلاة الإمام الذي يصلي داخلها.
واستدل بصحيحة زرارة، قال في المدارك: وكأن موضع الدلالة فيها النهي عن الصلاة خلف المقاصير فإن الغالب فيها أن تكون مشبكة. وأجاب عنه في المختلف بجواز أن تكون المقاصير المشار إليها فيها غير مخرمة.. إلى أن قال: ولا ريب أن الاحتياط يقتضي المصير إلى ما ذكره الشيخ. انتهى.
أقول: ما ذكره (قدس سره) - من أن موضع الدلالة في ما استدل به الشيخ من الرواية النهي عن الصلاة خلف المقاصير فإن الغالب فيها أن تكون مشبكة - لا يخلو من بعد، فإنه لا يخفى أن ظاهر قوله عليه السلام: " وهذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس " إنما وقع تفريعا على قوله: " وإن كان بينهم سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة " فإنه لما حكم عليه السلام ببطلان الصلاة والحال هذه وكانت تلك
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست