الأربعة على الجواز، وحكاه بعض مشايخنا المعاصرين عن جدي (قدس سره) في الفتاوى، ومال إليه في روض الجنان حتى أنه استوجه كون القصر أفضل من الاتمام. ولا ريب في قوة هذا القول. ولا ينافي ما ذكرناه من التخيير رواية معاوية بن عمار المتضمنة لنهي أهل مكة عن الاتمام بعرفات (1) لأنا نجيب عنها بالحمل على الكراهة أو على أن النهي عن الاتمام على وجه اللزوم. انتهى.
وسابعها - ما ذهب إليه بعض فضلاء متأخري المتأخرين من وجوب التقصير مع قصد الأربعة مطلقا ونسبه مذهبا لثقة الاسلام الكليني في الكافي حكى ذلك بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين، حيث قال بعد الكلام في المسألة وذكر أخبار الثمانية: ثم اختلفوا في نصف ذلك أي أربعة فراسخ على أقوال شتى، فمنهم من ظاهر كلامه كالكليني أن الأربعة هي المسافة حيث لم يذكر ما سوى أحاديث الأربعة حتى أن بعض مشايخنا كان يدعى له هذا القول ويقويه استنادا إلى عدم وجدان قائل بها من المخالفين (2) وجعل وجه الجمع بين هذه الأخبار وأخبار الثمانية بأن المراد بهذه الأخبار أقل ما يتحقق به تحتم القصر وأنه مستلزم للتحتم بالزائد أيضا كما هو ظاهر، فيكون حينئذ تخصيص التعبير بالثمانية في أخبارها لأجل بعض المصالح كمراعاة التقية. انتهى كلام شيخنا المشار إليه. ثم إنه (قدس سره) رجح كون اعتقاد الكليني التخيير في قصد الأربعة مطلقا.
أقول: لا يخفى أن حمل أخبار الأربعة على الوجوب - كما ذكره البعض المشار إليه وأنه أقل ما يجب فيه التقصير - يدفعه ما اشتملت عليه جملة من أخبار الثمانية الفراسخ والبريدين من أنها أقل مسافة القصر وأنه لا يقصر في ما دونها وأن المناط