من أربعة فراسخ فليتموا الصلاة ما أقاموا فإذا مضوا فليقصروا. ثم قال عليه السلام هل تدري كيف صار هكذا؟ قلت لا أدري. قال لأن التقصير في بريدين ولا يكون التقصير في أقل من ذلك، فلما كانوا قد ساروا بريدا وأرادوا أن ينصرفوا بريدا كانوا قد ساروا سفر التقصير، وإن كانوا قد ساروا أقل من ذلك لم يكن لهم إلا اتمام الصلاة. قلت أليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه أذان مصرهم الذي خرجوا منه؟ قال بلى إنما قصروا في ذلك الموضع لأنهم لم يشكوا في مسيرهم وأن السير سيجد بهم في السفر فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا " ورواه البرقي في المحاسن مثله (1) ورواه في الكافي (2) إلى قوله: " فإذا مضوا فليقصروا " وأما قوله عليه السلام " هل تدري.. إلى آخره " فلم ينقله.
أقول: والتقريب في هذا الخبر يتوقف على بيان مسألة أخرى وهي أن من شروط وجوب القصر كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى استمرار قصد المسافة وعدم العدول عنه إلى أن تحصل المسافة، فلو قصد المسافة وسافر ثم رجع عن عزمه أو تردد قبل بلوغ المسافة وجب عليه الاتمام لاختلال الشرط المذكور، أما لو كان بعد بلوغ المسافة فإنه يستمر على التقصير حينئذ على كل حال بلا خلاف ولا اشكال، وهذا الخبر من أدلة هذه المسألة، وحيث كانت الأربعة مع إرادة الرجوع في حكم الثمانية الممتدة كما ذكرناه فرق عليه السلام بين ما إذا حصل التردد بعد بلوغ أربعة فراسخ وبين ما إذا حصل قبل ذلك، فأوجب عليه البقاء على التقصير في الأول لأن المسافة قد حصلت، ثم بين عليه السلام ذلك في التعليل بأنه بعد بلوغ الأربعة وإن ترددوا إلا أن قصد المسافة وهو البريدان حاصل إما بالمضي على قصدهم الأول إن جاءت الرفقة أو بالرجوع إلى البلد الذي هو بريد آخر فتصير المسافة بريدين ملفقة من الذهاب والاياب، بخلاف ما إذا كانوا على أقل من أربعة فإنه على تقدير الرجوع لم تحصل مسافة التقصير وهي البريدان التي هي أقل ما يقصر فيه، والخبر