أقول: عبارة الشيخ في التهذيب هكذا: إن المسافر إذا أراد الرجوع من يومه فقد وجب عليه التقصير في أربعة فراسخ. ثم قال: إن الذي نقوله في ذلك أنه إنما يجب التقصير إذا كان مقدار المسافة ثمانية فراسخ وإذا كان أربعة فراسخ كان بالخيار في ذلك أن شاء أتم وإن شاء قصر.
وأنت خبير بأن ظاهر هذه العبارة العدول عن القول الأول الموافق للمشهور إلى أن مجرد قصد الأربعة موجب للتخيير أراد الرجوع ليومه أم لا، وحينئذ فما نقله عنه هنا من قوله بالتخيير بشرط الرجوع ليومه إن أراد من حيث عموم كلامه وشموله لهذا الفرد فهو مسلم إلا أنه بعيد عن ظاهر عبارته، وإن أراد تخصيص عبارته بما ذكره فهو خلاف ظاهر كلام الشيخ كما عرفت.
وأما عبارته في المبسوط فهي أيضا لا تساعد ما ادعاه حيث إن عبارة المبسوط هكذا: حد المسافة التي يجب فيها التقصير ثمانية فراسخ أربعة وعشرون ميلا، فإن كانت أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه وجب أيضا التقصير وإن لم يرد الرجوع من يومه كان مخيرا بين التقصير والاتمام. وهذه العبارة كما ترى صريحة الانطباق على ما قدمنا نقله عن الصدوق والشيخ المفيد وهو القول الثاني لا في ما ذكره وادعاه.
والعجب أن الأصحاب لم يتنبهوا لموافقة الشيخ للصدوق في هذا الكتاب بل خصوا ذلك بالنهاية مع منعه فيها التقصير في الصوم، وهذه العبارة ظاهرة في الانطباق على ذلك القول من جميع جهاته. وأعجب من ذلك نقل شيخنا المشار إليه عن المبسوط ما ادعاه والحال أن العبارة كما ترى، ولعل النقل عن ابن بابويه في كتابه الكبير من هذا القبيل.
وكيف كان فهو قول مرغوب عنه كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى.
وخامسها - ما ذهب إليه ابن أبي عقيل (قدس سره) حيث قال: كل سفر كان مبلغه بريدين وهو ثمانية فراسخ أو بريدا ذاهبا وبريدا جائيا وهو أربعة فراسخ في يوم واحد أو ما دون عشرة أيام فعلى من سافر عند آل الرسول صلى الله عليه وآله أن يصلي