الناس فإنه الذي يحمل عليه الاطلاق مضافا إلى ما صرحت به الأخبار: ومنها - ما تقدم في رواية الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) من قوله " لأن ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال ".
ومنها - قول الصادق (عليه السلام) في حسنة الكاهلي المتقدمة (1) زيادة على ما قدمناه منها " ثم قال إن أبي كأن يقول إن التقصير لم يوضع على البلغة السفواء والدابة الناجية وإنما وضع على سير القطار " أقول: قال الجوهري يقال بغلة سفواء بالسين المهملة خفيفة سريعة وقال أيضا: الناجية الناقة السريعة ينجو من ركبها.
وفي رواية عبد الرحمان بن الحجاج (2) قال: " قلت له كم أدنى ما تقصر فيه الصلاة؟ فقال جرت السنة ببياض يوم. فقلت له إن بياض يوم يختلف فيسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم ويسير الآخر أربعة فراسخ في يوم؟ فقال إنه ليس إلى ذلك ينظر أما رأيت سير هذه الأثقال بين مكة والمدينة؟ ثم أومأ بيده أربعة وعشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ ".
وبما دلت عليه هذه الأخبار قد صرح أيضا أصحابنا (رضوان الله عليهم) من غير خلاف يعرف.
واعتبر الشهيدان اعتدال الوقت والسير والمكان، قال في المدارك: وهو جيد بالنسبة إلى الوقت والسير، أما المكان فيحتمل قويا عدم اعتبار ذلك فيه لاطلاق النص وإن اختلفت كمية المسافة في السهولة والحزونة. انتهى.
أقول: ما ذكره من الاحتمال لاطلاق النص مع اعترافه باختلاف كمية المسافة في السهولة والحزونة يجري في الوقت أيضا، فإن النصوص مطلقة شاملة باطلاقها لجميع الأوقات، فقصير النهار وطويلة من ما تختلف به الكمية أيضا، فلا وجه لتسليمه لهما ذلك في الوقت ومناقشته في المكان. وبالجملة فإن غاية ما يستفاد من النصوص هو اعتدال السير كما عرفت وما عداه فلا، فإن حمل اطلاق النصوص على الحد الأوسط