أقول: قد عرفت أن كتاب الفقه الرضوي صرح بذلك، والصدوقان إنما أخذا هذا الحكم من الكتاب لأن عبارة علي بن الحسين المتقدمة في الرسالة عين عبارة الكتاب من أولها إلى آخرها ومنها هذا الموضع، وهذا من جملة المواضع التي قدمنا الإشارة إليها بأنه كثيرا ما يذكر القدماء حكما من الأحكام الشرعية ولا يصل دليله إلى المتأخرين فيعترضونهم بعدم الدليل وهو في هذا الكتاب، وما نحن فيه من هذا الباب.
والظاهر أنه إلى هذا الخبر أشار الصدوق في كتاب العلل حيث قال - بعد نقل خبر أبي عبيدة فيه (1) المتضمن لأنه إذا كانوا في السن سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة - وفي حديث آخر: وإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها. انتهى.
والظاهر أيضا أنه إلى هذه الرواية المرسلة هنا في العلل أشار المرتضى وابن إدريس في ما قدمنا نقله عنهما وقولهما: وقد روي إذا تساووا فأصبحهم وجها.
ومن ما يعضد ما ذكره العلامة في المختلف من أن في حسن الوجه دلالة على عناية الله تعالى بذلك الشخص ما في حديث إبراهيم أبي إسحاق الليثي الوارد في طينة المؤمن وطينة الناصب المروي في العلل (2) وغيره حيث قال عليه السلام بعد ذكر الطينتين وهما الطيبة والخبيثة المذكورتان في صدر الخبر: ثم عمد إلى بقية ذلك الطين فمزجه بطينتكم ولو ترك طينتهم على حالها لم تمزج بطينتكم ما عملوا أبدا عملا صالحا ولا أدوا أمانة إلى أحد ولا شهدوا الشهادتين ولا صاموا ولا صلوا ولا زكوا ولا حجوا ولا شبهوكم في الصور أيضا، يا إبراهيم ليس شئ أعظم على المؤمن من أن يرى صورة حسنة في عدو من أعداء الله عز وجل والمؤمن لا يعلم أن تلك الصورة من طين المؤمن ومزاجه: انتهى.