مرازم (1) قال: " سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام إن علي نوافل كثيرة فقال اقضها. فقلت لا أحصيها؟ قال توخ " والتوخي التحري وهو طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن، قاله الجوهري. وروى عبد الله بن سنان عنه عليه السلام (2) " في رجل فاته من النوافل ما لا يدري ما هو من كثرته كيف يصنع؟
قال يصلي حتى لا يدري كم صلى من كثرته فيكون قد قضى بقدر ما عليه " قال في الذكرى:
وبهذين الحديثين احتج الشيخ على أن من عليه فرائض لا يعلم كميتها يقضي حتى يغلب على ظنه الوفاء من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى. وفيه نظر لأن كون النوافل أدنى مرتبة يوجب سهولة الخطب فيها والاكتفاء بالأمر الأسهل فلا يلزم منه تعدية الحكم إلى ما هو أقوى وهو الفرائض كما لا يخفى، بل الأمر في ذلك بالعكس فإن الاكتفاء بالظن في الفرائض الواجبة الموجبة لشغل الذمة يقتضي الاكتفاء به في النوافل التي ليست بهذه المثابة بالأولى. انتهى.
قال في المدارك: ويمكن الجواب عنه بأن الشيخ (قدس سره) إنما استدل بالرواية على وجوب القضاء إلى أن يغلب على الظن الوفاء لا على الاكتفاء بالظن فإنه يكفي في عدم اعتبار ما زاد عليه عدم تحقق الفوات. نعم يرد على هذا الاستدلال أن قضاء النوافل على هذا الوجه إنما هو على وجه الاستحباب فلا يلزم منه وجوب قضاء الفريضة كذلك. انتهى.
والتحقيق أن يقال إنه لما كانت المسألة غير منصوصة فالواجب فيها العمل بالاحتياط كما أشرنا إليه في غير موضع مما تقدم، ووجهه أنه لا ريب أن الذمة مشغولة بالفريضة بيقين ولا تبرأ إلا بيقين الأداء من جميع ذلك، وحيث كانت الفريضة في هذه الصورة المفروضة غير معلومة المقدار لكثرتها فيقين البراءة لا يحصل إلا بالقضاء بما يقابل الكثرة الفائتة، فإن كان الفائت قد بلغ في الكثرة إلى حد لا يدري ما قدره فينبغي أن يكون القضاء كذلك، وورد ذلك في النافلة مع