معارضة أخبار القراءة إلى الاجماع على التسبيح وجمع بينهما بالتخيير، والظاهر أن السبب في ذلك أن الدائر في كتبهم في مقام البحث عن الأخيرتين إنما هو هذه الأخبار التي نقلها هنا وزاد عليها صاحب المدارك رواية الحلبي التي أجاب عنها وأما الأخبار التي قدمناها فهي متفرقة في مواضع لم تجمع إلا في كلامنا في هذا المجال. وأصحاب التصانيف لمزيد الاستعجال في التصنيف يقنعون بما حضر بين أيديهم من كتب من قبلهم ولا يعطون التأمل حقه في استقصاء الأدلة من مظانها وطلبها من أماكنها ومن ثم وقعوا في ما وقعوا فيه، والواجب في مقام البحث والتحقيق التعرض لنقل جملة أدلة المسألة والكلام فيها وترجيح ما يرجحه والجواب عما عارضه.
وأنت خبير بأن قوله: " ولما ثبت جواز التسبيح للإمام أيضا بالاجماع.. إلى آخره " الدال على أنه إنما صار إلى التسبيح تخييرا بالاجماع فللقائل أن يعكس عليه هذه الدعوى ويقول إنه قد دلت صحاح زرارة على النهي عن القراءة مطلقا والنفي لها والأمر بالتسبيح خاصة ودل غيرها من الأخبار المتقدمة على التسبيح أيضا، وما عارضها من روايات القراءة قد حمل على التقية بمقتضى القاعدة المنصوصة عن أصحاب العصمة (عليهم السلام) في مقام تعارض الأخبار، فلولا الاجماع على القول بالقراءة في المقام لتعين الاقتصار على التسبيح بمقتضى ذلك إلا أن الاجماع على القراءة أوجب لنا القول بالتخيير وحمل ما دل على تعين التسبيح والنهي عن القراءة على الأفضلية، وما ادعيناه في المقام هو الأوفق بأخبارهم وقواعدهم (عليهم السلام).
وبالجملة فإن كلامهم (رضوان الله عليهم) في المقام لما كان مبنيا على غير أساس تطرق إليه القدح والالتباس، وضعف كلامه (قدس سره) أظهر من أن يحتاج إلى مزيد بيان لمن أنكشف له ما ذكرناه من نقل أخبار المسألة كملا وما وشحناها به من التحقيقات الفائقة والتدقيقات الرائقة. والله العالم.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن تنقيح البحث في المسألة وتحقيق القول فيها كما هو حقه