الرابع - ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) قال:
" إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف الإمام في نفسه بأم الكتاب وسورة... إلى أن قال: فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما لأن الصلاة إنما يقرأ فيها في الأولتين في كل ركعة بأم الكتاب وسورة، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما إنما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة. وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الإمام فإذا سلم الإمام قام فقرأ بأم الكتاب وسورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قراءة " وروى هذه الرواية في الفقيه عن زرارة مثله (2) بأدنى تفاوت لا يخل بالمقصود.
أقول: لا يخفى ما في دلالة هذه الأخبار الصحاح من الصراحة في أفضلية التسبيح بل تعينه مطلقا إماما كان أو غيره سيما الصحيحة الأولى. وظاهر هذه الأخبار بل صريحها إنما هو تعين التسبيح دون الأفضلية للنهي عن القراءة والنفي لها إلا أنها لما اتفقت كلمة الأصحاب على التخيير بينه وبين القراءة وعضدها بعض الأخبار الآتية إن شاء الله تعالى فلا مندوحة عن تأويلها بما يرجع إلى ذلك بحمل النهي على الكراهة والنفي على نفي الأفضلية الراجع إلى أقلية الثواب في القراءة. وكيف كان فهي صريحة في الرد على ما اشتهر بين أصحابنا من أصالة القراءة في هذا الموضع وأن التسبيح إنما هو بدل منها وقائم مقامها، ويشير إلى ذلك ما يأتي (3) في صحيحة عبيد بن زرارة إن شاء الله تعالى مما سنشير إليه ثمة.
فإن قيل: من الجائز حمل النهي والنفي هنا على النهي عن تحتم القراءة ووجوبها فمعنى " لا تقرأن " يعني على جهة الحتم والتعيين كما في الأوليين، وكذلك " ليس فيهن قراءة " يعني متحتمة متعينة.
قلت: فيه (أولا) إن قوله (عليه السلام) في الصحيحة الثانية والرابعة " إنما