وأسند هذا التحديد أعني تحديد العلو الجائز باللبنة في المعتبر والمنتهى إلى الشيخ (قدس سره) ثم قال في المنتهى " وهو مذهب علمائنا " مؤذنا بدعوى الاجماع عليه، وكذا أسنده في الذكرى إلى الأصحاب، قال في المعتبر: لا يجوز أن يكون موضع السجود أعلى من موقف المصلي بما يعتد به مع الاختيار وعليه علماؤنا لأنه يخرج بذلك عن الهيئة المنقولة عن صاحب الشرع.
أقول: ويدل على ما ذكروه من التحديد باللبنة ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن السجود على الأرض المرتفعة فقال إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس " ومفهومه ثبوت البأس مع الزيادة على قدر اللبنة، ومفهوم الشرط حجة شرعية كما تقدم تحقيقه في مقدمات كتاب الطهارة.
واعترض هذه الرواية في المدارك فقال إنه يمكن المناقشة في سند الرواية بأن من جملة رجالها النهدي وهو مشترك بين جماعة منهم من لم يثبت توثيقه، مع أن عبد الله بن سنان روى في الصحيح (2) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن موضع جبهة الساجد أيكون أرفع من مقامه؟ قال لا وليكن مستويا " ومقتضاها المنع من الارتفاع مطلقا، وتقييدها بالرواية الأولى مشكل، انتهى.
أقول: فيه أن الظاهر أن النهدي الذي في سند هذه الرواية هو الهيثم بن أبي مسروق بقرينة رواية محمد بن علي بن محبوب عنه والرجل المذكور ممدوح في كتب الرجال فحديثه معدود في الحسن وله كتاب يرويه عنه جملة من الأجلاء: منهم - محمد بن علي بن محبوب وسعد بن عبد الله ومحمد بن الحسن الصفار.
ويؤيد الخبر المذكور أيضا شهرة العمل به بين الطائفة وعدم الراد له سواه، وكذا يؤيده ما يأتي من موثقة عمار.