في وسطهم ليكون أستر لهم، وأغض لأبصارهم عنه. وكذلك سن لإمامة النساء القيام وسطهن في كل حال لأنهن عورات فإن كان مع الرجال نساء عراة تنحين عنهم لئلا يرى بعضهم بعضا ويصلين جماعة أيضا كالرجال إلا أن الجماعة في حقهن أدنى منها في حق الرجال كما لو كانوا غير عراة فإن كان الجميع في مجلس أو في مكان ضيق صلى الرجال واستدبرهم النساء ثم صلى النساء واستدبرهن الرجال لئلا يرى بعضهم عورات بعض، فإن كان الرجال لا يسعهم صف واحد والنساء وقفوا صفوفا وغضوا أبصارهم عمن بين أيديهم لأنه موضع ضرورة * (مسألة) * قال (وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنهم يسجدون بالأرض) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في العراة إذا صلوا قعودا فروي أنهم يومئون بالركوع والسجود لأن القيام سقط عنهم لحفظ عوراتهم وظهورها بالسجود أكثر وأفحش فوجب أن يسقط، وروي أنهم يسجدون بالأرض لأن السجود آكد من القيام لكونه مقصودا في نفسه ولا يسقط فيما يسقط فيه القيام وهو صلاة النافلة فلهذا لم يسقط (فصل) فإن كان مع العراة واحد له ثوب لزمته الصلاة فيه لأنه قادر على السترة فإن أعاره وصلى عريانا لم تصح صلاته لتركه الواجب عليه. ويستحب أن يعيره بعد صلاته فيه لغيره ليصلي فيه لقول الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) ولا يجب عليه ذلك بخلاف ما لو كان معه طعام فاضل عن حاجته ووجد من به ضرورة لزمه اعطاؤه إياه لأنها حال ضرورة فإذا بذله لهم صلى فيه واحد بعد واحد ولم تجز لهم الصلاة عراة لأنهم قادرون على الستر الا أن يخافوا ضيق الوقت فيصلي فيه واحد والباقون عراة، وقال الشافعي لا يصلي أحد عريانا وينتظر الثوب وإن خرج الوقت، ولا يصح فإن الوقت آكد من القيام بدليل ما لو كانوا في سفينة أو في موضع ضيق لا يمكن جميعهم الصلاة فيه قياما صلى واحد بعد واحد الا أن يخافوا فوات الوقت فيصلون قعودا، نص الشافعي على هذا والقيام آكد من السترة عنده وعلى
(٦٣٤)