سبب تغيره وقال ابن الماجشون يتوضأ من كل واحد منهما وضوء ويصلي به وبه قال محمد بن مسلمة إلا أنه قال يغسل ما أصابه من الأول لأنه أمكنه أداء فرضه بيقين فلزمه [كما لو اشتبه طاهر بطهور وكما لو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها أو اشتبهت عليه الثياب].
ولنا انه اشتبه المباح بالمحظور فيما لا تبيحه الضرورة فلم يجز التحري كما لو استوى العدد عند أبي حنيفة وكما لو كان أحدهما بولا عند الشافعي فإنه قد سلمه. واعتذر صحابه بأنه لا أصل له في الطهارة - قلنا وهذا الماء قد زال عنه أصل الطهارة وصار نجسا فلم يبق للأصل لزائل أثر [على أن البول قد كان ماءا فله أصل في الطهارة كهذا الماء النجس] وقولهم إذا كثر الطاهر ترجحت الإباحة يبطل بما إذا اشتبهت أخته في مائة أو ميتة بمذكيات فإنه لا يجوز التحري وإن كثر المباح، وأما إذا اشتبهت في نساء مصر فإنه يشق اجتنابهن جميعا ولذلك يجوز له النكاح من غير تحر [وأما القبلة فيباح تركها للضرورة كحالة الخوف ويجوز أيضا في السفر في صلاة النافلة، ولان قبلته ما يتوجه إليه بظنه، ولو بان له يقين الخطأ لم يلزمه الإعادة بخلاف مسئلتنا. وأما المتغير من غير سبب يعلمه فيجوز الوضوء به استنادا إلى أصل الطهارة وإن غلب على ظنه نجاسته ولا يحتاج إلى تحر. وفي مسئلتنا عارض يقين الطهارة يقين النجاسة فلم يبق له حكم، ولهذا لا يجوز له استعماله من غير تحر ثم يبطل قياسهم بما إذا كان أحدهما بولا والآخر ماء ويدل على صحة ما قلنا أنه لو توضأ من أحد الإناءين وصلى ثم غلب على ظنه في الصلاة الثانية أن الآخر هو الطاهر فتوضأ به وصلى من غير غسل أثر الأول فقد علمنا أنه صلى بالنجاسة يقينا، وإن غسل أثر الأول ففيه حرج ونقض لاجتهاده باجتهاده ونعلم أن إحدى الصلاتين باطلة لا بعينها فيلزمه اعادتهما، فإن توضأ من الأول فقد توضأ بما يعتقده نجسا وما قاله ابن الماجشون فباطل فإنه يفضي إلى تنجيس نفسه يقينا وبطلان صلاته اجماعا وما قاله ابن مسلمة ففيه حرج ويبطل بالقبلة فإنه لا يلزمه أن يصلي إلى أربع جهات.