من هو من أهل الوجوب، فأما أهل الاعذار كالحائض والمجنون والصبي والكافر فتجب في حقه بأول جزء أدركه من وقتها بعد زوال عذره وبهذا قال الشافعي رحمه الله، وقال أبو حنيفة رحمه الله يجب تأخير وقتها إذا بقي منه مالا يتسع لأكثر منها لأنه في أول الوقت يتخير بين فعلها وتركها فلم تكن واجبة كالنافلة.
ولنا أنه مأمور بها في أول الوقت بقوله تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس) والامر يقتضي الوجوب على الفور ولان دخول الوقت سبب للوجوب فيترتب عليه حكمه حين وجوده، ولأنها يشترط لها نية الفريضة ولو لم تجب لصحت بدون نية الواجب كالنافلة وتفارق النافلة. فإنها لا يشترط لها ذلك ويجوز تركها غير عازم على فعلها وهذه إنما يجوز تأخيرها مع العزم على فعلها كما تؤخر صلاة المغرب ليلة مزدلفة عن وقتها وكما تؤخر سائر الصلوات عن وقتها إذا كان مشتغلا بتحصيل شرطها.
(فصل) ويستقر وجوبها بما وجبت به فلو أدرك جزءا من أول وقتها ثم جن أو حاضت المرأة لزمهما القضاء إذا أمكنهما. وقال الشافعي وإسحاق: لا يستقر الا بمضي زمن يمكن فعلها فيه ولا يجب القضاء بما دون ذلك واختاره أبو عبد الله بن بطه لأنه لم يدرك من الوقت ما يمكنه أن يصلي فيه فلم يجب القضاء كما لو طرأ العذر قبل ذلك الوقت ولنا أنها صلاة وجبت عليه فوجب قضاؤها إذا فاتته كالتي أمكن أداؤها وفارقت التي طرأ العذر قبل دخول وقتها فإنها لم تجب وقياس الواجب على غيره غير صحيح.