فأما الزلج كالزجاج والفحم الرخو وشبههما مما لا ينقي فلا يجزئ لأنه لا يحصل منه المقصود، ويشترط كونه طاهرا فإن كان نجسا لم يجزه وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يجزئه لأنه يجفف كالطاهر.
ولنا أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة يستجمر بها فأخذ الحجرين والقى الروثة وقال " هذا ركس " رواه البخاري، وفي لفظ رواه الترمذي قال " انها ركس " يعني نجسا وهذا تعليل من النبي صلى الله عليه وسلم يجب المصير إليه، ولأنه إزالة نجاسة فلا يحصل بالنجاسة كالغسل، فإن استنجى بنجس احتمل أن لا يجزئه الاستجمار بعده لأن المحل تنجس بنجاسة من غير المخرج فلم يجزئ فيها غير الماء كما لو تنجس ابتداء. ويحتمل أن يجزئه لأن هذه النجاسة تابعة لنجاسة المحل فزالت بزوالها * (مسألة) * قال (إلا الروث والعظام والطعام) وجملته أنه لا يجوز الاستجمار بالروث ولا العظام ولا يجزئ في قول أكثر أهل العلم وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق، وأباح أبو حنيفة الاستنجاء بهما لأنهما يجففان النجاسة وينقيان المحل فهما كالحجر. وأباح مالك الاستنجاء بالطاهر منهما، وقد ذكرنا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنهما، وروى مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد اخوانكم من الجن " وروى الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نستنجي بروث أو عظم وقال أنهما لا يطهران.
وقال اسناد صحيح، وروى أبو داود عنه عليه السلام أنه قال لرويفع بن ثابت " أخبر الناس أنه من استنجى برجيع أو عظم فهو برئ من دين محمد " وهذا عام في الطاهر منها والنهي يقتضي الفساد