سمعت أحمد قيل له الوضوء من النوم قال إذا طال، قيل فالمحتبي قال يتوضأ، قيل فالمتكئ قال الاتكاء شديد والمتساند كأنه أشد - يعني من الاحتباء - ورأي منها كلها الوضوء الا أن يغفو - يعني قليلا - وعنه ينقض يعني بكل حال لأنه معتمد على شئ فهو كالمضطجع، والأولى أنه متى كان معتمدا بمحل الحدث على الأرض أن لا ينقض منه الا الكثير لأن دليل انتفاء النقض في القاعد لا تفريق فيه فيسوى بين أحواله.
(فصل) واختلف أصحابنا في تحديد الكثير من النوم الذي ينقض الوضوء فقال القاضي ليس للقليل حد يرجع إليه وهو على ما جرت به العادة، وقيل حد الكثير ما يتغير به النائم عن هيئته مثل أن يسقط على الأرض. ومنها أن يرى حلما، والصحيح أنه لاحد له لأن التحديد إنما يعرف بتوقيف ولا توقيف في هذا فمتى وجدنا ما يدل على الكثرة مثل سقوط المتمكن وغيره انتقض وضوؤه وان شك في كثرته لم ينتقض وضوؤه لأن الطهارة متيقنة فلا تزول بالشك.
(فصل) ومن لم يغلب على عقله فلا وضوء عليه لأن النوم الغلبة على العقل قال بعض أهل اللغة في قوله تعالى (لا تأخذه سنة ولا نوم) السنة ابتداء النعاس في الرأس فإذا وصل إلى القلب صار نوما قال الشاعر:
وسنان أقصده النعاس فرنقت * في عينه سنة وليس بنائم ولان الناقض زوال العقل ومتى كان العقل ثابتا وحسه غير زائل مثل من يسمع ما يقال عنده ويفهمه فلم يوجد سبب النقض في حقه، وإن شك هل نام أم لا أو خطر بباله شئ لا يدري أرؤيا أو حديث نفس فلا وضوء عليه