بإعادة تطهير وجهه، بخلاف الصوم والصلاة والإحرام.
ثم اعترض فقال: أكثر ما يقتضيه ما ذكرتم أن يكون الصوم جائزا بقاء حكمه مع نية الفطر في خلال النهار، فمن أين لكم القطع على أن هذه النية غير مفسدة على كل حال؟
أجاب: بأن ما بيناه يقتضي وجوب بقاء حكم الصوم طول النهار، وإذا وقعت النية في ابتدائه ونية الأكل غير منافية لحكم الصوم، وإنما هي منافية لابتداء نية الصوم، كما قلناه في عزوب النية والجنون والإغماء، وإذا كان حكم نية الصوم مستمرا والعزم على الأكل لا ينافي هذا الحكم على ما ذكرناه قطعنا على أنه غير مفطر، لأن القطع على المفطر إنما يكون بما هو مناف للصوم من أكل أو شرب أو جماع والعزيمة خارجة عن ذلك.
وأنت إذا تأملت كلامنا هذا عرفت منه حل كل شبهة تضمنتها تلك المسألة التي كنا أمليناها ونصرنا فيها أن العزم مفطر فلا معنى لإفرادها بالنقض، وقد مضى في تلك المسألة الفرق بين الصلاة وبين الإحرام والصوم ولا فرق بين الجميع، فمن قال: إن العزم على ما يفسد الصوم يبطل الصوم يلزمه مثل ذلك في الصلاة، ومن قال: إنه لا يبطله يلزمه أن يقول مثل ذلك في الصلاة والإحرام. ومضى في تلك المسألة أن من قرن بنية دخوله في الصلاة العزم على المشي أو الكلام فيها ينعقد صلاته، وهذا غير صحيح، لأن معنى الصلاة في الشريعة يتضمن أفعالا وتروكا، فالأفعال كالركوع والسجود، والتروك كالكف عن الكلام والالتفات، فكيف يجوز أن يكون عازما في ابتداء الصلاة على أن يتكلم ويمشي وتنعقد صلاته ومن جملة معاني الصلاة أن لا يتكلم؟!
ولو جاز هذا جاز أن ينعقد صلاته مع عزمه في افتتاحها على أن لا يركع ولا يسجد، وقد يجوز انعقاد الصلاة مع مقارنة النية الواقعة في افتتاحها بعزمه على