أما المقدمة الأولى: فلأنه اعتقد وجوب ما ليس بواجب عليه حال النية، وهو وجه قبح. أما إنه ليس واجبا عليه حال النية فلأنه لولا ذلك لزم تكليف ما لا يطاق، إذ إيجاب صومه من رمضان من دون الحكم شرعا بالهلال تكليف ما لا يطاق أو تكليف بالقبيح، وهو جعل ما ليس من رمضان منه. وأما أنه وجه قبح فطاهر، وأما باقي مقدمات الدليل فظاهرة.
ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح، عن الباقر - عليه السلام - في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان، قال عليه: قضاؤه وإن كان كذلك (1).
وجه الاستدلال: أن هذا الصوم إن وقع بنية أنه من رمضان فهو المطلوب، وإن وقع بنية أنه من شعبان فهو متروك العمل به إجماعا. وحمل الحديث على ما يصح الاعتماد عليه أولى من إبطاله بالكلية، ولأنه قد نقل التفصيل فيحمل هذا المطلق عليه جمعا بين الأدلة.
روى سماعة في الموثق، عن أبي عبد الله - عليه السلام - إنما يصام يوم الشك من شعبان ولا تصومه من شهر رمضان، لأنه قد نهي أن ينفرد (2) الإنسان للصيام في يوم الشك، وإنما ينوي من الليل أنه من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل الله - عز وجل -، وبما قد وسع على عباده، ولولا ذلك لهلك الناس (3).