ثم اعترض نفسه بأنه كيف تجزئ النية في جميع الشهر وهي متقدمة في أول ليلة منه؟
وأجاب: بأنها تؤثر في الشهر كله كما تؤثر في اليوم كله وإن وقعت في ابتداء ليلته، ولو شرطت مقارنة النية للصوم لما جاز ذلك مع الإجماع على جوازه، ولو اشترط في تروك الأفعال في زمان الصوم مقارنة النية لها لوجب تجديد النية في كل حال من زمان كل يوم من شهر رمضان، لأنه في هذه الأحوال كلها تارك لا يوجب كونه مفطرا.
وقد علمنا أن استمرار النية طول النهار غير واجب، وأن النية قبل طلوع الفجر كافية مؤثرة في كون تروكه المستمرة طول النهار صوما، فكذا القول في النية الواحدة إذا فرضنا لجميع شهر رمضان أنها مؤثرة شرعا في صيام جميع أيامه وإن تقدمت (1).
والجواب: بمنع الإجماع.
قال في الإنتصار - بعد الاحتجاج بالإجماع من الطائفة -: أن النية تؤثر في الشهر كله، لأن حرمته حرمة واحدة، كما أثرت في اليوم الواحد لما وقعت في ابتدائه (2).
وهذا قول ضعيف، لأنا نمنع وحدة حرمته. ولا شك في أن صوم كل يوم مستقل بنفسه قائم بذاته لا تعلق له باليوم الذي بعده، وتتعدد الكفارة بتعدد إفطار أيامه، ثم أنه قياس محض مع قيام الفارق بين الأصل والفرع، فإن اليوم الواحد عبادة واحدة وانقسامها بانقسام أجزاء زمانها لا يوجب تعددها، كالصلاة التي يكفي في إيقاعها النية الواحدة من أولها، ولا يوجب لكل فعل نية