الحق من ذلك، بل كان على صواب، وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه فيه من صريح الألفاظ، وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع إقامة الدليل بمقتضى العقل والأثر من لزوم الأصول في خطر التصرف في غير المملوك، إلا بإذن المالك وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق (1).
وقال الشيخ: فأما حال الغيبة فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها مما لا بد لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن، فأما ما عدا ذلك فلا يجوز التصرف فيه على حال، وأما ما يستحقونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه، وليس فيه نص معين، إلا أن كل واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط.
فقال بعضهم: إنه جاز في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر، وقال قوم: إنه يجب حفظه ما دام الإنسان حيا، فإذا حضرته الوفاة وصى به إلى من يثق به من إخوانه ليسلمه إلى صاحب الأمر - عليه السلام - إذا ظهر، ويوصي به حسب ما وصي به إليه إلى أن يصل إلى صاحب الأمر، وقال قوم:
يجب دفنه، لأن الأرض تخرج كنوزها عند قيام الإمام - عليه السلام -، وقال قوم: يجب أن يقسم الخمس ستة أقسام: فثلاثة أقسام للإمام تدفن أو تودع [عند] من يثق بأمانته، والثلاثة الأقسام الأخر تفرق على مستحقيه من أيتام آل محمد ومساكينهم وأبناء سبيلهم.
وهذا مما ينبغي أن يعمل عليه، لأن هذه الثلاثة الأقسام مستحقها ظاهر وإن كان المتولي لتفريق ذلك فيهم ليس بظاهر، كما أن مستحق الزكاة ظاهر وإن كان المتولي لقبضها وتفريقها ليس بظاهر، ولا أحد يقول في الزكاة:
أنه لا يجوز تسليمها إلى مستحقها، ولو أن إنسانا استعمل الاحتياط وعمل على