فلأنه دفع الزكاة إلى مستحقها وهو مأمور بذلك، وأما الثانية: فظاهرة. ولأنه أوصل مالا إلى مستحقه فتبرأ ذمته، والمقدمتان ظاهرتان. ولأن المالك جعل له ما كان له فعله وأخذ البعض قد كان للمالك فيثبت له قضية للمساواة.
ولأن تعيين الغير ينافي التخيير المطلق، وقد ثبت له التخيير المطلق فينتفي تعيين الغير، لاستحالة الجمع بين المتنافيين. ولأنه لو نص له على الأخذ لجاز إجماعا، فكذا إذا أدخله في العموم واندرج ظاهرا كغيره من الفقراء. ولأن المقتضي للأخذ موجود، والمعارض الموجود لا يصلح للمانعية فيثبت جواز الأخذ. أما المقتضي فهو الأمر بالصرف في مستحقه (1)، وهو من جملتهم فرضا. وأما المعارض فليس إلا المنع من كون الأمر بالإعطاء قرينة صارفة عن إرادته، لامتناع كون الشخص معطيا لنفسه عرفا. وإنما قلنا أنه لا يصلح للمانعية، لأنه لو كان مانعا لمنع من التنصيص على تسويغ الأخذ، والتالي باطل إجماعا فكذا المقدم، والشرطية ظاهرة.
وما رواه الحسين بن عثمان في الحسن، عن أبي إبراهيم - عليه السلام - في رجل أعطي مالا يفرقه فيمن يحل له أله أن يأخذ منه شيئا لنفسه ولم يسم له؟
قال: قال: يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره (2).
وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسمها ويضعها في مواضعها وهو ممن تحل له الصدقة، قال: لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي لغيره، قال: ولا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة إلا بأذنه (3).