فلا يخلو أهل الله إما أن يجعلوا الحق عين العالم فلا يماثله شئ لأنه ليس ثم إلا الله والعالم صور تجليه ليس غيره فهو له وإن كان العالم وجودا آخر فما ثم إلا الله ومسمى العالم فلا مثل لله إلا أن يكون إله ولا إله إلا الله فلا مثل لله ولا مثل للعالم إلا أن يكون عالم ولا عالم إلا هذا العالم وهو الممكنات فلا مثل للعالم فصحت المناسبة من وجهين من نفي المثلية ومن قبوله للأسماء والحضرات الإلهية وكل ما في العالم من المماثلة بعضه ببعض فإنه لا يقدح في نفي المماثلة فإن تفاصيل العالم وأجزاءه المتماثلة والمختلفة والمتضادة كالأسماء لله المختلفة والمتماثلة والمتضادة كالعليم والعالم والعلام هذه متماثلة وهو أيضا الضار النافع فهذه المتضادة وهو العزيز الحكيم فهذه المختلفة ومع هذا فليس كمثله شئ فهذه الآية له ولنا من أجل الكاف والاشتراك يؤذن بالتناسب وإذا كان لا بد من التناسب فنظرنا أي شئ من المناسبات بين الحج والتسبيح حتى شبهه به تعالى فقلنا إن التسبيح هو الذكر العام في قوله وإن من شئ إلا يسبح بحمده وقال ص إنما شرعت المناسك لإقامة ذكر الله لاختلاف العالم لأن ذكر الله كله تسبيح بحمده أي بما أثنى على نفسه كما جعل التهليل مماثلا لعتق الرقاب النفيسة والعتق إنما هو أمر يخرج العبد من العبودية ولا يخرج من العبودية إلا أن يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه فيكون حقا كله فناسب قوله لا إله إلا الله وقد يكون عتق الرقاب من الألوهية بالعبودة فإن الشخص يتقيد بالربوبية فيطلب منه ما ليس بيده منه شئ وإنما ذلك بيد الله فيحار فيعتقه الله من هذه النسبة إليه بما أظهر فيه عند المعتقد فيه ذلك من الجبر والافتقار وسلب هذه الأوصاف فعاد حرا في عبوديته فلم يكن له قدم في الربوبية فاستراح فهذا عتق أيضا شريف حيث تخلص لنفسه من تعلق الغير به كما خلص بالتهليل الألوهة لله من رق الدعوى بالآلهة المتخذة وهو قولهم أجعل الآلهة إلها واحدا كما هو الأمر في نفسه إن هذا لشئ عجاب فجعل ص بوحيه المنزل وكشفه الممثل التهليل مناسبا لعتق الرقاب كما جعل التحميد مناسبا للحمل في سبيل الله وهو باب النعم والحمد لله شكرا لما يكون منه كما يكون من الأسباب للمسببات شكر بما نراه من آثارها فيها كما قال أن اشكر لي ولوالديك وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا وسيرد في هجير الحمد لله ما يشفي الغليل إن شاء الله تعالى وكذلك من كبر ناسب بين التكبير وبين عظم ما لصاحبه من غير تعيين وما قرنه بشئ معين مثل ما فعل في التسبيح والتحميد والتهليل فقيد هناك وأطلق هنا ليشمل الذكر التقييد والإطلاق وقد ورد في هذا خبر حسن عن رسول الله ص أنه من سبح الله مائة بالغداة ومائة بالعشي وهو قوله عز وجل وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وقوله فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقرن ذلك بالمائة لأنه ليس لنا دار نسكنها إلا الجنة أو النار والجنة مائة درجة فمن أكملها مائة فقد حاز من كل درجة حظا وافرا بحسب ذكره بما يناسب ذلك الذكر من تلك الدرجات وكذلك دركات النار مائة درك تقابل درج الجنان له من جانب النار بهذا الذكر التنزيه من كل درك وله من الجنان الإنعام من كل درج فاعلم ذلك ثم نرجع إلى سرد الحديث وهو ما حدثنا به زاهر بن رستم الأصفهاني عن الكروحي عن الثلاثة محمود الأزدي والترياقي والعورجي كلهم عن الجراجي عن المحبوبي عن أبي عيسى الترمذي قال حدثنا محمد بن رزين الواسطي قال حدثنا أبو سفيان الحموي عن الضحاك بن حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله ص من سبح الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حج مائة حجة يعني مقبولة ومن حمد الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حمل على مائة فرس في سبيل الله أو قال غزا مائة غزوة ومن هلل الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن أعتق مائة رقبة من ولد إسماعيل ومن كبر الله مائة بالغداة ومائة بالعشي لم يأت في ذلك اليوم أحد بأكثر مما أتى إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب ولما كان التسبيح بحمده قربة به فقال في الصحيح عن رسول الله ص في سبحان الله والحمد لله إنهما يملآن أو يملأ ما بين السماء والأرض وأراد قوله سبحان الله وبحمده فإن الحمد لله تملأ الميزان فإنها آخر ما يجعل في الميزان فيها يمتلئ كما قال وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين فالحمد لله له التأخير في الأمور لأن له الساقة ولا إله إلا الله له التقدمة وسبحان الله له الميسرة والله أكبر
(٩٥)