ما عين اسما بعينه وإنما فوضه إلى الاسم الجامع فيتلقاه منه ما يناسب ذلك الأمر من الأسماء في خلق آخر فإنه ما لا يحمله زيد وضاق عنه لكون الاسم الإلهي الذي قبله به ما أعطت حقيقته إلا ما قبل منه وقد يحمله عمر ولأنه أوسع من زيد بل لا أنه أوسع من زيد ولكن عمرو في حكم اسم أيضا إلهي قد يكون أوسع إحاطة من الاسم الإلهي الذي كان عند زيد فإن الأسماء الإلهية تتفاضل في العموم والإحاطات فيحيط العالم ويحيط العليم فيكون إحاطة العليم أكثر من إحاطة العالم وإحاطة الخبير أكثر من إحاطة غيره وكذلك الاسم المريد مع العالم والاسم القادر مع المريد ومع العالم تقل إحاطته عنهما والعبد لا بد أن يكون تحت حكم اسم إلهي فهو بحسب ذلك الاسم وما تعطيه حقيقته من القبول فيرد ما فضل عنه إليه تعالى وذلك التفويض لمن عقل عن الله قوله فإن اللسان الذي خاطبنا به الحق اقتضى ذلك فنحن معه بقوله لأنه ليس في وسع المخلوق أن يحكم على الخالق إلا من يكون شهوده ما هي الممكنات عليه في حال عدمها فيرى أنها أعطت العلم للعالم بنفسها فقد يشم من ذلك رائحة من الحكم لكن افتقارها من حيث إمكانها يغلب عليها ولهذا ترى النافين للامكان بالدلالة العقلية يغفلون في أكثر الحالات عما أعطاهم الدليل من نفي الإمكان في نفس الأمر فيقولون بالإمكان حتى يراجعوا وينبهوا فيتذكروا ذلك فلا بد من أمر يكون له سلطنة في هذا العبد حتى يتصف بالغفلة والذهول عما اقتضاه دليله وليس إلا الأمر الطبيعي والمزاج ألا تراه إذا انتقل بالموت الأكبر أو بالموت الأصغر إلى البرزخ كيف يرى في الموت الأصغر أمورا كان يحيلها عقلا في حال اليقظة وهي له في البرزخ محسوسة كما هي له في حال اليقظة ما يتعلق به حسه فلا ينكره فيما كان يدل عليه عقله من إحالة وجود أمر ما يراه موجودا في البرزخ ولا شك أنه أمر وجودي تعلق الحس به في البرزخ فاختلف الموطن على الحس فاختلف الحكم فلو كان ذلك محالا لنفسه في قبول الوجود لما اتصف بالوجود في البرزخ ولما كان مدركا بالحس في البرزخ بل قد يتحقق بذلك أهل الله حتى يدركوا ذلك في حال يقظتهم ولكن في البرزخ فهم في حال يقظتهم كحال النائم والميت في حال نومه وموته فإن تفطنت فقد رميت بك على طريق العلم بقصور النظر العقلي وإنه ما أحاط بمراتب الموجودات ولا علم الوجود كيف هو إذ لو كان كما حكم به العقل ما ظهر له وجود في مرتبة من المراتب وقد ظهر فليس لعاقل ثقة بما دله عليه عقله في كل شئ فإذا كان صحيح الدلالة سرى ذلك في كل صورة فيعلم في كل صورة يراها في البرزخ وتحصل في نفسه أنه الله فهو الله فما يختلف كونه وإن اختلفت صور تجليه وكذلك عند العارفين به هنا ما يختل عليهم شئ من ذلك ولا في البرزخ ولا في القيامة الكبرى فيشهدون ربهم في كل صورة من أدنى وأعلى وكما هم اليوم كذلك يكونون غدا وأما أبو يزيد فخرج عن مقام التفويض فعلمنا أنه كان تحت حكم الاسم الواسع فما فاض عنه شئ وذلك أنه تحقق بقوله ووسعني قلب عبدي فلما وسع قلبه الحق والأمور منه تخرج التي يقع فيها التفويض ممن وقع فهو كالبحر وسائر القلوب كالجداول وقال في هذا المقام لو أن العرش يريد به ما سوى الله وما حواه مائة ألف ألف مرة يريد الكثرة بل يريد ما لا يتناهى في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به يعني لاتساعه حيث وسع الحق ومن هنا قلنا إن قلب العارف أوسع من رحمة الله لأن رحمة الله لا تنال الله ولا تسعه وقلب العبد قد وسعه إلا إن في الأمر نكتة أومئ إليها ولا أنص عليها وذلك أن الله قد وصف نفسه بالغضب والبطش الشديد بالمغضوب عليه والبطش رحمة لما فيه من التنفيس وإزالة الغضب وهذا القدر من الإيماء كاف فيما نريد بيانه من ذلك فإن الرسل تقول ولن يغضب بعده مثله فالانتقام رحمة وشفاء ولولا كونه رحمة ما وقع في الوجود وقد وقع ولكن ينبغي لك أن تعلم بمن هو وقوع الانتقام رحمة فبان لك من هنا رتبة أبي يزيد من غيره من العارفين لأنه وأمثاله لا يتكلمون إلا عن أحوالهم وذوقهم فيها ومن أسمائه تعالى الواسع كما ورد فباتساعه قبل الغضب فلو ضاق عنه ما ظهر للغضب حكم في الوجود لأنه لم يكن له حقيقة إلهية يستند إليها في وجوده وقد وجد فلا بد أن ينسب الغضب إلى الله كما يليق بجلاله وقد وسع القلب الحق ومن صفاته الغضب فقد وسع الغضب فلا ينكر على العارف مع كونه ما يرى إلا الله أن يغضب ويرضى ويتصف بأنه يؤذي وإن لم يتأذ فما أذى من لا يتأذى غير أنه لا يقال ذلك في الجناب الإلهي إلا أنه تسمى بالصبور وأعلمنا بالصبر ما هو وعلى ماذا يكون ولا نقول هو في حق الحق حلم فإن الحليم
(٩٩)