ابن مريم المدعو بالابن ومن جعل إن شرطا لا نفيا يكون معنى إن كنا فاعلين إن نتخذ لهوا نتخذه من عندنا لا من عندكم فإنه ما عندكم ينفد وما عند الله باق وما من شئ إلا عندنا خزائنه فما عندنا هو عند الله ونحن من عند الله وسيأتي هذا الهجير فإنه حال بعض الأقطاب فاعترف الحق بما أنكر ولذلك يكون الإنكار اعترافا بأن دعوى المدعي باطلة فيلزمه اليمين ما لم تقم بينة وبعد أن حصل من البيان ما حصل فلا بد أن نبين ما بقي في المسألة بالإجمال وهو أن التسبيح إذا سبح به المسبح أعني بلفظه الخاص به الدال عليه فلا بد أن يقيده باسم ما من الأسماء الإلهية الظاهرة أو المضمرة والمضافة والمطلقة وهو أن يقول سبحان الله أو سبحان الرب أو العالم فهذا معنى الاسم الظاهر وأما الاسم المضمر فمثل قوله سبحانه وسبحانك وأما المضاف فقوله سبحان ربك رب العزة وأما المطلق سبحان الله وتعالى عما يشركون فأي اسم نسبحه من أسماء الله تعالى وبأي حال نربطه فإن النتيجة التي تحصل لهذا لذاكر مناسبة لذلك الاسم ومرتبطة بتلك الحال ولا يظهر له صورة في الذاكر إلا بهذه المناسبة الخاصة فلا يتعين في هذا الذكر لنا أمر نقتصر عليه إلا ما ذكرناه مما يعم حكمه فإن النتائج تختلف فإن المحامد لا نقف عند حد والمسبح لا يسبحه إلا بحمده وتتبعنا الكتاب والسنة في طلب الأسماء فوجدناها تدور على الله والرب المضاف والاسم الناقص والاسم المضمر كالهاء والملك والعلي فالله قوله سبحان الله حين تمسون والرب قوله سبحان ربك والاسم الناقص سبحان الذي أسرى بعبده والمضمر قوله سبحانه وتعالى والملك مثل الذي ورد في السنة سبحان الملك القدوس والعلي كما ورد في السنة سبحان العلي الأعلى وقد ورد من غير تقييد في السنة مثل قوله سبوح وهذا ذكر المذكور ونتيجته أعظم النتائج لأنه كناية عن عين المسبح بالتسبيح فاسمه هنا عينه وهذا أكمل تسبيح العارفين لأنه غاب عن الاسم فيه بالمسمى فاسلك مع القوم أية سلكوا * إلا إذا ما تراهم هلكوا وهلكهم أن ترى شريعتهم * بمعزل عنهم إذا سلكوا فاتركهم لا تقل بقولهم * تأسيا بالإله إذ تركوا فإن جماعة من العقلاء جعلوا الشريعة بمعزل فيما زعموا والشريعة أبدا لا تكون بمعزل فإنها تعم قول كل قائل واعتقاد كل معتقد ومدلول كل دليل لأنها عن الله المتكلم فيه قد نزلت وإنما قلنا في هذه الطائفة المعينة إنها جعلت الشريعة بمعزل مع كونها قالت ببعض ما جاءت به الشريعة فما أخذت من الشريعة إلا ما وافق نظرها وما عدا ذلك رمت به أو جعلته خطابا للعامة التي لا تفقه هذا إذا عرفت واعتقدت أن ذلك من عند الله لا من نفس الرسول وهو قوله تعالى الذي قال عنهم على طريق الذم لهم ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وقال تعالى أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فهذا معنى قولي إنهم جعلوا الشرع بمعزل وإن كان قد جاء الشرع بما هم عليه فما أخذوا منه ما أخذوا من كون الشرع جاء به وإنما قالوا به للموافقة احتجاجا وطائفتنا لا ترمي من الشريعة شيئا بل تترك نظرها وحكم عقلها بعد ثبوت الشرع لحكم ما يأتي به الشرع إليها ويقضي به فهم سادات العالم إنما القوم سادة * ومع المجد يملكون * أية يسلكون كن * معهم حيث يسلكون إنما القول منه * كن للذي شاء أن يكون * كل شئ يريده * الحق من فعلهم يهون والذي لا يريده * وهو سهل فلا يهون واعلم أن الله تعالى لما جعل بين الأشياء مناسبات ليربط العالم بعضه ببعض ولولا ذلك لم يلتئم ولم يظهر له وجود أصلا وأصل ذلك المناسبة التي بيننا وبينه تعالى لولاها ما وجدنا ولا قبلنا التخلق بالأسماء الإلهية فما من حضرة له تعالى إلا ولنا فيها قدم ولنا إليها طريق أمم وسأورد ذلك إن شاء الله في باب الأسماء الإلهية من هذا الكتاب وأعظم الحضرات الإلهية في هذا الباب أنه لا يشبهه شئ وما ثم إلا نحن ومن لم يشبهك فلم تشبهه فكما انتفت المثلية عنه انتفت المثلية عن العالم وهو كل ما سواه بالمجموع فإن العالم إنسان واحد كبير لا يماثل أي لا مثل له ولهذا هو كل مبدع على غير مثال
(٩٤)