عمن تنتفي عنه بنفي النافي ولا ثبيت لمن تثبت بثبت الثابت المثبت فثبوتها لها ونفيها لها غير ذلك ما هو فلا تنتج للذاكر إلا شهودها وليس شهودها سوى العلم بها وليس معلوم هذا العلم الأنسب والنسبة أمر عدمي والحكم للنسبة والمنسوب والمنسوب إليه وبالمجموع يكون الأثر والحكم مهما أفردت واحدا من هذه الثلاثة دون الباقي لم يكن أثر ولا صح حكم فلهذا كان الإيجاد بالفردية لا بالأحدية خلافا لمن يقول إنه ما صدر إلا واحد فإنه عن واحد فهو قول صحيح لا إنه واقع ثم جاء الكشف النبوي والإخبار الإلهي بقوله عن ذات تسمى إلها إذا أراد شيئا فهذان أمران قال له كن فهذا أمر ثالث والثلاثة أول الأفراد فظهر التكوين عن الفرد لا عن الأحد وهذه كلها راجعة إلى عين واحدة فإذا ظهر المكون بالتكوين عن كن لم يكن غير تجلى إلهي في صورة ممكن لصورة ممكن ناظر بعين إلهي كما أنه ما سمع فيكون إلا بسمع إلهي ولهذا أسرع بالظهور لأنه المريد والمراد والقائل والمقول له والقول فحاله في التكوين أن ينطق بالله فينفخ فيه فيكون طائرا بإذن الله ثم ادعهن بأمره يأتينك سعيا لأنه السامع الذي دعاهن ولهذا الذكر من المعارف معرفة النفي والإيجاب والتنكير والتعريف وله من الحروف الألف المزادة والألف الطبيعية والهمزة المكسورة وألف الوصل وللأم والهاء ومن الكلمات أربعة متقابلة في عين واحدة يقابل النفي منها الإثبات والإثبات النفي والمنفي الثابت والثابت المنفي فأما معرفة النفي فهو اطلاع على ما ليس هو فيما قيل فيه إنه هو وإن كان الذي قيل إنه هو صحيح كشفا لكنه محال عقلا ولهذا التزم بعض أهل الله ذكر الله الله ورأيت على هذا الذكر شيخنا أبا العباس العربي من أهل العلياء من عرب الأندلس والتزم آخرون الهاء من الله لدلالتها على الهوية وجعله ذكر خاصة الخاصة وهو أبو حامد الغزالي وغيره وأما الأكابر فيلتزمون لا إله إلا الله على غير ما يعطيه النظر العقلي أي الوجود هو الله والعدم منفي الذات والعين بالنفي الذاتي والثابت ثابت لذات والعين بالإثبات الذاتي وتوجه النفي على النكرة وهو إله وتوجه الإثبات على المعرفة وهو الله وإنما توجه النفي على النكرة وهو إله لأن تحتها كل شئ وما من شئ إلا وله نصيب في الألوهة يدعيه فلهذا توجه عليه النفي لأن الإله من لا يتعين له نصيب فله الأنصباء كلها ولما عرف أن الإله حاز الأنصباء كلها عرفوا أنه مسمى الله وكل شئ له نصيب فهو اسم من أسماء مسمى الله فالكل أسماؤه فكل اسم دليل على الهوية بل هو عينها ولهذا قال قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى وهذا حكم كل اسم تدعونه له الأسماء الحسنى فله أسماء العالم كله فالعالم كله في المرتبة الحسنى فالأمر تنكير في عين تعريف ونكرة في عين معرفة وتعريف في عين تنكير ومعرفة في عين نكرة فما ثم إلا منكور ومعروف وأما حروف هذا الهجير فالألف المزادة وهي كل ألف لها موجب يوجب الزيادة فيها والزيادة ظهور مثل على صورتها فتكون ألفان والألف أبدا ساكنة فالظاهر أحد الألفين أبدا إما عبد وإما رب وإما حق وإما خلق والموجب له في موطن رتبة التقدم وفي موطن رتبة التأخر وهما موجبان الواحد ما يدل على الاتحاد وهو التضعيف والآخر ما يدل على الباعث للتكوين أو الإعدام وهو التحقيق المعبر عنه بالهمزة وقد يكون هذان الموجبان في مقام النزول مثل فاسأل العادين ولا إله إلا الله وإي وربي أنه لحق وقد يكون في مقام رفيع الدرجات وسبح اسم ربك الأعلى مثل يحادون الله وأولياء أولئك وأتوا الكتاب وقد يكون الموجب في مقام البرزخ وهو الوسط مثل من حاد الله وآتيناه الحكم صبيا ولا نتم أشد رهبة في صدورهم فإن كان الموجب اسم فاعل ربا كان الموجب أو خلقا وإن كان الموجب خلقا كان الموجب بفتح الجيم حقا فأثر ظاهر من خلق في حق أجيب دعوة الداع وأثر ظاهر من حق في خلق كن فيكون وذلك أما عن باعث وإما عن اتحاد والإيجاد إبداله له الاسم الآخر ليس له في الأول قدم والباعث يكون له الأول والآخر فالباعث حق وخلق والإيجاد حق وخلق إلا أنه لا يكون حقا مفردا إلا بخلق كالمعرفة بالله من حيث كونه إلها لا يكون إلا بخلق لا بد من ذلك فهي حق في خلق والخلق متأخر حيث عقل أبدا وأما الألف الطبيعية في مثل قال وسار فهو الأمر الواحد الذي يجمع الطبيعة فيظهر العالم ويفرقها فيفني العالم وهو الأصل المفرق المجمع وكل ألف مزادة فإنما تظهر على حكم التشبيه بها والموجب لهذا الأمر المفرق المجمع إنما هو الفتح وهو الأصل وقد يكون الفتح بما يسر
(٨٩)