من عباده) قال رسول الله ص وقد قيل له يا رسول الله من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فقال الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها واهتموا بأجل الدنيا حين اهتم الناس بعاجلها فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم فما عرضهم من نائلها عارض إلا رفضوه ولا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه خلقت الدنيا عندهم فما يجددونها وخربت بيتهم فما يعمرونها وماتت في صدورهم فما يحيونها بل يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ونظروا إلى أهلها صرعي قد حلت بهم المثلات فما يرون أمانا دون ما يرجون ولا خوفا دون ما يحذرون (وصية أيضا نبوية) قال رسول الله ص إنما أنتم خلف ماضين وبقية متقدمين كانوا أكثر منكم بسطة وأعظم سطوة أزعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها وغدرت بهم أوثق ما كانوا بها فلم تغن عنهم قوة عشيرة ولا قبل منهم بدل فدية فارحلوا أنفسكم بزاد مبلغ قبل أن تؤاخذوا على فجأة وقد غفلتم عن الاستعداد ولا يغني الندم وقد جف القلم (وصية بموعظة وذكرى) قال رسول الله ص كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك في الموتى وإذا أصبحت فلا تحدثها بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدثها بالصباح وخذ من صحتك لسقمك ومن شبابك لهرمك ومن فراغك لشغلك ومن حياتك لوفاتك فإنك لا تدري ما اسمك غدا (وصية نبوية نافعة) قال رسول الله ص لا يشغلنكم دنياكم عن آخرتكم ولا تؤثروا أهواءكم على طاعة ربكم ولا تجعلوا أيمانكم ذريعة لمعاصيكم وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهدوا لها قبل أن تعذبوا وتزودوا للرحيل قبل أن تزعجوا فإنما هو موقف عدل واقتضاء حق وسؤال عن واجب ولقد بلغ في الإعذار من تقدم في الإنذار (وصية نبوية خبرية بما ينبغي أن يقبل عليه ويعرض عنه) قال رسول الله ص يا أيها الناس أقبلوا على ما كلفتموه من صلاح آخرتكم وأعرضوا عما ضمن لكم من أمر دنياكم ولا تستعملوا جوارحا غذيت بنعمته في التعرض لسخطه بمعصيته واجعلوا شغلكم بالتماس مغفرته واصرفوا هممكم إلى التقرب إليه بطاعته إنه من بدأ بنصيبه من الدنيا فإنه نصيبه من الآخرة ولا يدرك منها ما يريد ومن بدأ بنصيبه من الآخرة وصل إليه نصيبه من الدنيا وأدرك من الآخرة ما يريد (وصية نبوية فيما ينبغي أن يترك من الفضول) قال رسول الله ص إياكم وفضول المطعم فإن فضول المطعم يسم القلب بالقساوة ويبطئ بالجوارح عن الطاعة ويصم الهمم عن سماع الموعظة وإياكم وفضول النظر فإنه يبذر الهوى ويولد الغفلة وإياك واستشعار الطمع فإنه يشرب القلب شدة الحرص ويختم على القلوب بطابع حب الدنيا فهو مفتاح كل سيئة وسبب إحباط كل حسنة (وصية نبوية بما يرجى ويتقى) قال رسول الله ص إنما هو خير يرجى أو شر يتقى وباطل عرف فاجتنب وحق تيقن فطلب وخرة أظل إقبالها فسعى لها ودنيا أزف نفادها فأعرض عنها وكيف يعمل للآخرة من لا ينقطع عن الدنيا رغبته ولا تنقضي فيها شهوته إن العجب كل العجب لمن صدق بدار البقاء وهو يسعى لدار الفناء وعرف أن رضا الله في طاعته وهو يسعى في مخالفته (وصية نبوية) قال رسول الله ص حلوا أنفسكم بالطاعة وألبسوها قناع المخافة واجعلوا آخرتكم لأنفسكم وسعيكم لمستقركم واعلموا أنكم عن قليل راحلون وإلى الله صائرون ولا يغني عنكم هنالك إلا صالح عمل قدمتموه أو حسن ثواب خرتموه إنكم إنما تقدمون على ما قدمتم وتجازون على ما أسلفتم ولا تخدعنكم زخارف دنيا دنية عن مراتب جنات علية فكان قد كشف القناع وارتفع الارتياب ولاقى كل امرئ مستقره وعرف مثواه ومقيله (وصية نبوية في التحزير عن المكر والخداع) قال رسول الله ص لا تكونوا ممن خدعته العاجلة وغرته الأمنية واستهوته الخدعة فركن إلى دار سريعة الزوال وشيكة الانتقال إنه لم يبق من دنياكم هذه في جنب ما مضى إلا كإناخة راكب أو صر حالب فعلام تعرجون وما ذا تنتظرون فكأنكم والله بما قد أصبحتم فيه من الدنيا كان لم يكن وما تصيرون إليه من الآخرة كان لم يزل فخذوا الأهبة لأزوف النقلة وأعدوا الزاد لقرب الرحلة واعلموا أن كل امرئ على ما قدم قادم وعلى ما خلف نادم (وصية نبوية في ذم انبساط الأمل ونسيان الأجل) قال رسول الله ص
(٥٤٣)