من العطاء العين ألا ترى إلى الحق نزوله سرى إلى السماء التي تلي الورى فيسامرهم بالسؤال والنوال ويسامرونه بالأذكار والاستغفار وسني الأعمال فيقول ويقولون ويسمع ويسمعون فيجيب ويجيبون فلا يزال على هذا الأمر إلى أن ينصدع الفجر فينتضي السمر ويظهر عند الصباح ما قرر من الخبر بالأثر ومن ذلك برق لمع وسطع من الباب 266 البارقة اللموع في النزوع من نزع إليه سطعت أنواره عليه الصحيح من المذهب إن برقه خلب ولهذا قال عبد الله لا يعرف الله إلا الله علمنا به أنه لا يعلم فالزم الأدب وافهم إياك والنظر وغلطات الفكر لا تتعد بالعقل حده وقف عنده تفز بالعلم الذي لا يحصل في القلب منه شئ وبالظل الذي ما له فئ إذا حمي الجو كثرت البروق وتوالى الخفوق ولا رعد يسبح بحمده ولا غيث ينزل من بعده إنما هي لوامع تسطع تنزل ثم ترفع لحكمة جلاها من تولاها والشمس وضحيها لما أنارها وما محاها والقمر إذا تلاها بما ابتلاها والنهار إذا جلاها في مجلاها والليل إذا يغشاها فأسرها وما أفشاها والسماء وما بناها بما عناها والأرض وما طحاها لما أدار رحاها ونفس وما سواها بما ألهمها من فجورها وتقواها وبهذه النسبة إليها قواها ومن ذلك ما هجم من عصم من الباب 267 الهجوم أقدام ولا يكون من علام المخدوم له الهجوم والخادم محكوم عليه وحاكم فجآت الحق لا تطيقها الخلق فلما ذا وردت من العليم الحكيم وقد سميت بالبوادة والهجوم فلو لا ما ثم حامل لها ما سواها الحق ولا عدلها إذا جاءته بغتة يتخيل أنها فلتة فيعطيها منه لفتة ثم يعرض عنها بعد ما أخذ ما جاءته به منها ما هو أعرض بل هي عبرت حين خطرت ما كان ذهابها حتى أمطر سحابها فامتلأت الإضاء وزالت السحب وانجلت البيضاء فحدثت لأرض أخبارها ورفعت أستارها وباحت بأسرارها وزهت أزهارها بأنوارها فلو لا ما كان الزهر في الزهر والنوار في الأنوار ما ظهر شئ مما وقعت عليه الأبصار ومن ذلك من قرب أشرب من الباب 268 العاشق المحب من أشرب في قلبه الحب عشق العشق هو الحب الصدق يقول العاشق المجنون لمعشوقه على التعيين إليك عني وتباعدي مني فإن حبك شغلني عنك وأنت مني وأنا منك فوقف مع الألطف وزهد في الأكثف لأنه عرف ما كثف فوقف وما انحرف من شهد ملك الملك عرف من حصل في الملك من طلبت منه الثبات فقد قيدته لا بل قد تعبدته إلا أن يكون الثبات على التلوين فذلك التمكين ووافقت ما أنزله في سورة الرحمن كل يوم هو في شأن والشؤون ألوان أقرب ما اتصف به الحق في العبيد كونه أقرب من حبل الوريد فهو أقرب إليك من نفسك مع أنه ليس من جنسك وإن كان في جنسك فقد قيد نفسه وضيق حبسه ومن ذلك ما كل من بعد بعد من الباب 269 البعد بالحدود علم الشهود وهو أسنى العلوم وأعظم إحاطة بالمعلوم فلا تتخيل أن كل بعد هلاك كما تخيله بعض النساك ليس الهلاك إلا في القرب ولهذا يفنيك وانظر ما قلته لك في تجليك التحلية حجاب وهي أعظم القرب عند الأحباب تخلى ولا تتحلى لما دنا إليه تدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى والشفع فيه ما جاء إلا * للعرف إذ تضمن معنى ألا تراه قال أو أدنى * لذاك قلته فتأنى من غشنا فما هو منا * فالأمر كله ليس منا فنحن ليس نحن وكنا * لذاك أخبر الحق عنا رب السماع من يتغنى * يقوله إذا يتغنى ذاك السماع يصغي إليه * من جاءه الذي يتمنى ومن ذلك سد الذريعة ومن أحكام الشريعة من الباب 270 من قال بسد الذرائع في الشرائع ترك الأعلى ورأى ذلك الترك أولى فما هو للشارع منازع ولكن لما فهم المراد جنح إلى الاقتصاد فإنه علم إن الله بالمرصاد والمخلوق ضعيف ولولا المصالح ما شرع التكليف فخذ منه ما استطعت ولا يلزمك العمل بكل ما جمعت فإن الله ما كلف نفسا إلا
(٣٨٣)