يضاد المدلول وأن الدال وهو الناظر في الدليل إذا كان فيه ومعه مجتمعا لا يكون مع المدلول ودليلك على الحق نفسك والعالم كما قال سنريهم آياتنا أي الدلالة علينا في الآفاق وفي أنفسهم وقال من عرف نفسه عرف ربه جعلك دليلا عليه فجمعك بك وفرقك عنه في حال جمعك بك ثم قال لأبي يزيد اترك نفسك وتعالى ففرقك عنك لتجتمع به ولا تجتمع به حتى تنظر في الدليل به لا بك فتعلم أنك ما زلت مجتمعا به في حال نظرك في الدليل فإنه سمعك وبصرك فأنت وهو مجتمعان في حال طلبك إياه فمن تطلب أو من يطلب فما برحت في عين الجمع به وهو الجامع لنفسه بك لمحبته فيك وهذا من أعجب الأحوال الطلب في عين التحصيل إنما الحال ملعب * ولنا فيه مذهب * هو ميداننا الذي * فيه نلهو ونلعب وبهن ننكح العذارى * ونسقى ونشرب * فانظروا في صنيعه * واعجبوا منه واعجبوا ما لنا فيه مطلب * وله في مطلب لما كان الدوام لمعية الحق مع العالم لم يزل حكم الجمع في الوجود وفي العدم فإنه مع الممكن في حال عدمه كما هو معه في حال وجوده فأينما كنا فالله معنا فالتوحيد معقول غير موجود والجمع موجود ومعقول وللرجال عليهن درجة وليست إلا درجة الوجود لو أراد التوحيد ما أوجد العالم وهو يعلم أنه إذا أوجده أشرك به ثم أمره بتوحيده فما عاد عليه إلا فعله فقد كان ولا شئ معه يتصف بالوجود فهو أول من سن الشرك لأنه أشرك معه العالم في الوجود فما فتح العالم عينه ولا أبصر نفسه إلا شريكا في الوجود فليس له في التوحيد ذوق فمن أين يعرفه فلما قيل له وحد خالقك لم يفهم هذا الخطاب فكرر عليه وأكد وقيل له عن الواحد صدرت فقال ما أدري ما تقول لا أعقل إلا الاشتراك فإن صدوري عن ذات واحدة لا نسبة بيني وبينها لا يصح فلا بد أن يكون مع نسبة علمية أو نسبة قادرية لا بد من ذلك ثم إنه وإن كان قادرا فلا بد من الاشتراك الثاني وهو أن يكون لي من ذاتي القبول لاقتداره وتأثيره في وجودي فما صدرت عن واحد وإنما صدرت عن ذات قادرة في شئ قابل لأثر اقتداره أو في مذهب أصحاب العلل عن حكم علة وقبول معلول فلم أدر للوحدة طعما في الوجود فقد رمت أن أخلو بتوحيد خالقي * فكان قبولي مانعا ما أرومه فيا ليت شعري هل يقام بمشهد * ويا ليت شعري هل أرى من يقيمه لقد رمت أمرا لا سبيل لنيله * ويمنع عن تحصيل ذاك رسومه ألا تراه كيف نبه على إن الأمر جمع وأنه جامع بقوله ومن كل شئ خلقنا زوجين وعلم إن نفسه شئ فخلق آدم على صورته فكان آدم زوجين ثم خلق منه حواء لا من غيره ليعلمه بأصل خلقه ومن زوجه ومن زوجه فما زاد بخلقه حواء منه على زوجيته بالصورة التي خلق عليها وتلك الصورة الزوجية أظهرت حواء فكانت أول مولد عن هذه الزوجية كما خلق آدم بيديه فكان عن زوجية يد الاقتدار ويد القبول وبهما ظهر آدم وكان فردا فصار زوجا * ماج به في المخاض موجا كان حضيضا بقاع طبع * فصار بالنفخ فيه أوجا أقامني سيدا فجاءت * وفوده لي فوجا ففوجا فيا أيها الموحد أين تذهب وأنت توحد توحيدك يشهد بأنك أشركت إذ لا يثبت توحيد إلا من موحد وموحد فالجمع لا بد منه فالاشتراك لا بد منه فما استند المشرك إلا لركن قوي ولهذا كان ما له إلى الرحمة في دار تقتضي بذاتها الغضب حتى يظهر سلطان الرحمة الأقوى لأن دار النعيم معين قال الشاعر أحلى من الأمن عند الخائف الوجل فلا يعرف طعم الأمان ذوقا من هو فيه مصاحب له وإنما يعرف قدره من ورد عليه وهو في حال خوف فيجد طعمه لوروده ولهذا نعيم الجنة يتجدد مع الأنفاس كما هو نعيم الدنيا إلا أنه في الآخرة يحس به من يتجدد عليه ويشاهد خلق الأمثال فيه وفي الدنيا لا يشاهد خلق الأمثال فيه ولا يحس به بل هو في لبس من خلق جديد فلذة أصحاب الجحيم عظيمة لمشاهدة الدار وحكم الأمان من حكمها فيه ليس العجب من ورد في بستان وإنما العجب من ورد في قعر النيران إبراهيم
(٣٠٧)