وقال في موضع الحمد والذم فأردنا بنون الجمع لما فيه من تضمن الذم في قتل الغلام بغير نفس ولما فيه من تضمن الحمد في حق ما عصم الله بقتله أبويه فقال فأردنا وما أفرد ولا عين هكذا حال الأدباء ثم قال وما فعلته يعني ما فعل عن أمري بل الأمر كله لله فإذا كنى الحق عن نفسه بضمير الجمع فلأسمائه لما في ذلك المذكور من حكم أسماء متعددة وإذا ثنى فلذاته ونسبة اسم خاص وإذا أفرد فلاسم خاص أو ذات وهي المسمى إذا كنى بتنزيه فليس إلا الذات وإذا كنى بفعل فليس إلا الاسم على ما قررناه وانحصر فيما ذكرناه جميع أسماء الله لا بطريق التعيين فإنه فيها ما ينبغي أن يعين وما ينبغي أن لا يعين وقد جاء من المعين مثل الفالق والجاعل ولم يجئ المستهزئ والساخر وهو الذي يستهزئ بمن شاء من عباده ويكيد ويسخر ممن شاء من عباده حيث ذكره ولا يسمى بشئ من ذلك ولا بأسماء النواب ونوابه لا يأخذهم حصر ولكن انظر إلى كل فعل منسوب إلى كون من الأكوان فذلك المسمى هو نائب عن الله في ذلك الفعل كآدم والرسل خلفاء الله على عباده ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله فلننبه من ذلك على يسير يكون خاتمة هذا الباب لنفيد المؤمنين بما فيه سعادتهم لأن السعادة كلها في العلم بالله تعالى فنقول إن من الأفعال ما علق الله الذم بفاعله والغضب عليه واللعنة وأمثال ذلك ومن الأفعال ما علق الله المدح والحمد بفاعله كالمغفرة والشكر والايمان والتوبة والتطهير والإحسان وقد وصف نفسه بأنه يحب المتصفين بهذا كله كما أنه لا يحب الموصوفين بالأفعال التي علق الذم بفاعلها مع قوله والله خلقكم وما تعملون والأمر كله لله وقال الاله الخلق والأمر فأخبر أنه يحب الشاكرين والمحسنين والصابرين والتوابين والمتطهرين والذين اتقوا ولا يحب المسرفين ويغفر لهم ولا يحب المفسدين ولا الظالمين وما جاء في القرآن من صفة من لا يحبه عز وجل فالأدب من العلماء بالله أن تكون مع الله في جميع القرآن وما صح عندك أنه قول الله في خبر وارد صحيح فما نسب إلى نفسه بالإجمال نسبناه مجملا لا نفصله وما نسبه مفصلا نسبناه إليه مفصلا وعيناه بتفصيل ما فصل فيه لا نزيد عليه وما أطلق لنا التصرف فيه تصرفنا فيه لنكون عبيدا واقفين عند حدود سيدنا ومراسمه فإنه الرب ونحن العبيد * فنبتغي بالشكر منه المزيد لكوننا بالفقر في فاقة * أولها حال حصول الوجود وبعد ذا استمراره دائما * إلى مقامات الفناء في الشهود لأنه سبحانه فاعل * يفعل في أعياننا ما يريد ولا يريد الحق إلا الذي * أعطاه في التحقيق حال العبيد وما يزيد الله في علمه * فجودهم منهم عليهم يعود وننسب الجود إليه لما * له من الخير الذي لا يبيد فكل خيرنا لنا حادث * نعيمنا منا فما نستزيد بنا نعمنا لا به فانظروا * في قولنا فنحن عين الحدود فما نعمنا إلا بحادث فبنا نعمنا لأنه يستحيل تنعمنا به ويستحيل قيام الحوادث به فتنعمه وابتهاجه بذاته وكماله فإنه الغني عن العالمين فما رأى راء سوى نفسه لا رؤية علم ولا رؤية حس فانظر ماذا ترى وأنظر من ذا يرى وأنظر ما يحصل عن كل رؤية في نفس الرائي فإن اقتضى ذلك الحاصل حكم رضي رضي وإن اقتضى حكم سخط وغضب سخط وغضب كان ذلك الرائي من كان ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله فقد أسخطوا الله وأغضبوه فعاد وبال ذلك الغضب على من أغضبه فلولا شهود ما أغضبه ما غضب وما أسخطه ما سخط وما أرضاه ما رضي فإن الأصل التعري والتنزيه عن الصفات ولا سيما في الله إذا كان أبو يزيد يقول لا صفة لي فالحق أولى أن يطلق عن التقييد بالصفات لغناه عن العالم لأن الصفات إنما تطلب الأكوان فلو كان في الحق ما يطلب العالم لم يصح كونه غنيا عما هو له طالب واعلم أن هذه الحضرة الجامعة للحضرات تتضمن ملك الله وليس ملك الله سوى الممكنات وهي أعياننا فنحن ملكه وبناء كان ملكا وهو القائل له ملك السماوات والأرض وقول رسول الله ص في الثناء على الله إنه رب كل شئ
(٣١٩)