كان وحده، والقيد المعتبر في الملك بناء على الروايات الثلاث الأخيرة إنما هو نية الإقامة، فاستدلالهم بالرواية المذكورة ليس في محله. وأيضا فإنه صرح في صدر كلامه بأن الأصح اعتبار المنزل خاصة دون مجرد الملك واستدل عليه بهذه الرواية، وحينئذ فاعتبار الاستيطان إنما هو في المنزل الذي اختاره كما هو ظاهر الرواية، وحق العبارة بناء على ما ذكرناه لما نقل عن الأصحاب أنهم احتجوا بهذه الرواية على أنه يعتبر في الملك الاستيطان ستة أشهر أن يرده بأن اعتبار الاستيطان في الرواية إنما هو بالنسبة إلى المنزل خاصة لا الملك، مع أن متبادر منها اعتبار الاستيطان ستة أشهر في كل سنة وهم قد اكتفوا بالستة ولو في سنة واحدة. هكذا كان حق العبارة بمقتضى ما اختاره في المقام.
وثانيا - أن قوله: " وكيف كان فالظاهر اعتبار دوام الاستيطان.. إلى آخره " بعد قوله: " والمسألة قوية الاشكال " من ما لا يخلو من التدافع، لأن قوة الاشكال عنده كما عرفت من حيث الاختلاف بين كلام الأصحاب في ما اكتفوا به من الاستيطان ستة أشهر ولو في سنة وبين الرواية في ما دلت عليه من دوام الاستيطان، وهو مؤذن بتوقفه في المسألة من حيث عدم إمكان مخالفة الأصحاب وعدم إمكان مخالفة الرواية فوقع في الاشكال لذلك، ومقتضى قوله: " وكيف كان.. إلى آخره " ترجيح العمل بما دلت عليه الرواية من دوام الاستيطان كما أيده بذكر صحيحة علي بن يقطين وكلام الشيخ وابن البراج.
وبالجملة فإن الظاهر من كلامه في هذا المقام أن الخلاف هنا بين الأصحاب وقع في موضعين: (أحدهما) - أن الوطن الذي ينقطع به السفر هل هو مجرد الملك الذي استوطنه كما هو المشهور أو خصوص المنزل المستوطن؟ وهو في هذا الموضع قد حكم بأن الأصح هو القول الثاني مستندا إلى الصحيحة المذكورة. و (ثانيهما) - أنه هل يكفي إقامة الستة ولو مرة واحدة في سنة كما هو المشهور أم لا بد من تجدد الإقامة في كل سنة كما هو ظاهر الصدوق والشيخ في النهاية وابن البراج؟ وهو قد