في بعض الأخبار إلا أنه لا يمكن في بعض آخر كما عرفت، وقيد الاستيطان مورده في الأخبار إنما هو المنزل كما عرفت أيضا.
فما ذكره كل منهم (رضوان الله عليهم) زاعما أنه وجه جمع بين الأخبار ناقص العيار بين الانكسار، والصحيحة المذكورة لا تنطبق على هذا الوجه ولا تساعده كما عرفت لأنها صريحة في كون الاتمام في الملك والضيعة لا يكون إلا بإقامة عشرة أيام أو وجود المنزل المستوطن تلك المدة، وظاهرها أن وجود الملك وعدمه على حد سواء لأن هذين القاطعين حيثما حصلا انقطع بهما السفر.
واحتمل المحدث المذكور في الوافي وغيره في غيره حمل ما دل على الاتمام في غير صورتي الإقامة والاستيطان على التخيير.
وفيه ما لا يخفى فإن الأخبار المذكورة ظاهرة بل صريحة في وجوب الاتمام وجوبا حتميا متعينا ولا قرينة في شئ منها تؤنس بهذا الحمل بالكلية، ووجود المناقض والمعارض لا يستدعي ذلك ولا يكون قرينة على ارتكاب التجوز في تلك الألفاظ باخراجها عن ظواهرها وحقائقها، إذ يمكن أن يكون التأويل في جانب المعارض لها أو حملها على محمل آخر.
وعندي أن أحد طرفي هذه الأخبار المتعارضة في المقام إنما خرج مخرج التقية التي هي الأصل في اختلاف الأخبار في كل حكم وقضية ولكن أشكل تميزها ومعرفتها في أي طرف فحصل الالتباس، وقد دلت الأخبار على أنهم (عليهم السلام) كانوا يلقون الاختلاف في الأحكام تقية وإن لم يكن ثمة قائل بها من أولئك الأنعام كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب (1).
وبالجملة فالمسألة في غاية الاشكال وللتوقف فيها مجال وأي مجال فالواجب الاحتياط في ما عدا المنزل المستوطن المدة المذكورة إما بإقامة العشرة أو الجمع بين الفرضين.