أن يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان؟ فقال لا يقصر ولا يفطر لأنه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ إنما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به السير إلى الموضع الذي بلغه " هذه صورة الرواية التي نقلها.
وأنت خبير بأن الرواية كما قدمناها سابقا ظاهرة الدلالة في ابطال ما ذهب إليه من التخيير بقصد الأربعة أتم الظهور، وهو هنا قد أسقط منها موضع الدلالة على ذلك فاسقط قوله بعد ذكر النهروان " وهي أربعة فراسخ من بغداد أيفطر إذا أراد الرجوع ويقصر؟ " وهو عجيب من مثله (قدس سره) إلا أن يكون قدسها في نقل الرواية أو نقلها من نسخة غير معتمدة، وإلا فاسقاط هذه العبارة من البين مع ذكره ما قبلها وما بعدها من ما يوجب سوء ظن به (قدس سره) والرواية بتمامها قد تقدمت.
وكيف كان فوجه ما قلناه إن كلامه المتقدم الذي قدمنا نقله عنه في جملة أقوال المسألة ظاهر في حمله أخبار الثمانية على الوجوب وأخبار الأربعة على الجواز الذي هو عبارة عن التخيير بين القصر والاتمام رجع أم لم يرجع، وهذا الخبر كما قدمنا لك نقله بتمامه صريح في كون المسافة المفروضة هنا أربعة فراسخ، وقد صرح عليه السلام بأنه لو خرج من منزله يريد النهروان التي هي أربعة فراسخ ذاهبا وجائيا يعني تعلق القصد بالذهاب والاياب لوجب عليه التقصير، حيث إنه قصد المسافة وهي ثمانية فراسخ وإن كانت ملفقة، ولا ريب أن الشرط المذكور شرط في وجوب التقصير وتحتمه، فإذا كان الدليل على هذا الشرط إنما هو هذه الرواية التي موردها قصد الأربعة خاصة فقد ثبت وجوب التقصير حتما بقصد الأربعة مع إرادة الرجوع وبطل ما اختاره من الجواز، وكان الأليق بمذهبه أن يستدل برواية تدل على هذا الشرط في مسافة الثمانية الممتدة في الذهاب لينجو من هذا الاشكال وينقطع عنه لسان المقال وأنى له به وليس في الأخبار إلا ما هو من قبيل هذه الرواية.