والجمع بين الأخبار على وجه لا يطرح منها شئ أولى من اطراح بعضها كما هو اللازم من ما ذهب إليه المانع من جواز امامتها في اليومية. ولا ينافي ما قلناه من الأخبار المتقدمة إلا صحيحة زرارة وسيأتي إن شاء الله تعالى وجه الجواب عنها.
و (ثانيها) - أنه قد روى الصدوق في الفقيه (1) قال: قال الحسن بن زياد الصيقل " سئل أبو عبد الله (عليه السلام) كيف تصلي النساء على الجنائز إذا لم يكن معهن رجل؟ قال يقمن جميعا في صف واحد ولا تتقدمهن امرأة. قيل ففي صلاة مكتوبة أيؤم بعضهن بعضا؟ قال نعم " وهو كما ترى صريح في إمامتهن في الصلاة اليومية، والرواية كما ترى من مرويات الفقيه التي اعترف كما تقدم في كلامه أنها تكون من ما يفتي به ويعمل عليه (2) ويعضد هذه الرواية صحيحة علي بن جعفر المتقدمة ورواية علي بن يقطين. وهو قد اعترف بذلك في صحيحة علي بن جعفر حيث إنه - بعد أن طعن في روايتي سماعة وعبد الله بن بكير - قال: نعم يمكن الاستدلال عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر... ثم ساق الخبر كما قدمناه. ولا يخفى أنه مع العمل بهذه الأخبار الأخيرة بناء على حمل المكتوبة فيها على الصلاة المكتوبة كما يدعونه فإن اللازم طرح تلك الأخبار الدالة على الجواز رأسا مع ما عرفت من كثرتها وصحة بعضها واعتضادها بالشهرة بين الأصحاب بل دعوى الاجماع، والجمع بين الخبرين مهما أمكن أولى من طرح أحدهما رأسا.
وثالثها - أن المستفاد من الأخبار - كما قدمنا تحقيقه في المسألة الأولى من المطلب الأول - هو تحريم الجماعة في النافلة مطلقا إلا ما استثنى كما عليه اتفاق الأصحاب (رضوان الله عليهم) وأن كان ظاهر كلام السيد المذكور ثمة اختيار الجواز إلا أنا قد أوضحنا بطلانه وهدمنا بنيانه، وحينئذ فمتى حملت هذه الأخبار على ما يدعونه من جواز إمامة المرأة في النافلة دون الفريضة لزم مخالفتها لتلك الأخبار الكثيرة