الصلاة التي يجهر فيها فإنما أمر بالجهر لينصت من خلفه فإن سمعت فانصت وإن لم تسمع فاقرأ " فإن قضية الجعل إلى الإمام في الصلاة الإخفاتية بمعنى الاعتماد على قراءته والاكتفاء بها فلا يجوز للمأموم القراءة لذلك لا يتم كليا إلا في الأوليين لوجوب القراءة عليه فيهما حتما وأما الأخيرتان فحيث كان مخيرا فيهما سيما مع أفضلية التسبيح له كما اخترناه فكيف يتم الجعل إليه والاعتماد عليه في سقوط القراءة عن المأموم وتحريمها عليه؟ والحال أنه ليس القراءة عليه واجبة بل الأفضل له التسبيح كما هو المفروض، وقضية الانصات في الجهرية أظهر فإن تحريم القراءة من حيث وجوب الانصات لا يجري إلا في الأوليين فإن القراءة في الأخيرتين على تقدير اختيارها إخفاتية اجماعا، وجملة الروايات الواردة في هذا المجال كلها على هذا المنوال وإن تفاوتت في وضوح الدلالة على ذلك.
وأما ما دل على المنع من القراءة خلف الإمام بعمومه واطلاقه كقوله (عليه السلام) (1) " من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة " ونحوه فهو غير معمول عليه عندهم على عمومه كما نبهوا عليه وشذ من قال به على عمومه.
هذا، وما نقل من الرواية في كلام جملة منهم بعدم القراءة والتسبيح كما اختاره ابن إدريس لم أقف عليها في شئ من كتب الأخبار التي تحضرني الآن إلا أنه قد روى الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين (2) " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ قال إن قرأت فلا بأس. وإن سكت فلا بأس " ومن المحتمل أن تكون هذه الرواية هي المشار إليها في كلامهم فإن ظاهرها التخيير بين القراءة والسكوت إلا أن القول بذلك قول أبي حنيفة كما تقدم ذكره (3) فيجب حمل الرواية على التقية لذلك ولمعارضتها بالأخبار المستفيضة الدال أكثرها على التسبيح وجملة منها على القراءة أو الأفضلية في أحدهما أو