من استدلال المحقق على ما ذكره بالرواية المنقولة عن الرواة الثلاثة المتقدمين وهي صريحة في خلاف ظاهر كلامه ونحوه صحيحة زرارة كما عرفت، فلو لم يحمل كلامه على ما ذكرناه لم يتم استدلاله بالخبر المذكور.
والفاضل الخراساني في الذخيرة مال إلى أن التجوز والمسامحة في عبارتي المنتهى والذكرى فيجب ارجاعهما إلى عبارتي المعتبر والتذكرة مستندا إلى أن الذي يقع في الخاطر من وضع اليد وصول شئ من الراحة، وتشعر بذلك الأدلة التي في الكتابين سيما الذكرى، فإنه قال فيه بعد نقل قول الباقر (عليه السلام) في صحيحة زرارة " وتمكن راحتيك من ركبتيك " وهو دليل على الانحناء هذا القدر لأن الاجماع على عدم وجوب وضع الراحتين. فإذن لا معدل عن العمل بما ذكره المدققان لتوقف البراءة اليقينية عليه، ولا تعويل على ظاهر الخبر إذا خالف فتاوى الفرقة. انتهى.
وفيه (أولا) أنك قد عرفت صراحة الروايتين المتقدمتين في الاكتفاء ببلوغ رؤوس الأصابع، ويؤكده تصريحه (عليه السلام) في صحيحة زرارة بالأفضلية في وضع الكفين بقوله " وأحب إلي " والواجب هو العمل بالأخبار لا بالأقوال العارية عن الأدلة وإن ادعى فيها الاجماع.
و (ثانيا) - ما ذكره - من أن الذي يقع في الخاطر من وضع اليد وصول شئ من الراحة - فإنه ممكن لو كان عبارة المنتهى والذكرى كما ذكره من وضع اليد والذي فيهما إنما هو " إلى أن تبلغ اليد " والفرق بين العبارتين ظاهر فإن بلوغ اليد يصدق ببلوغ رؤوس الأصابع.
و (ثالثا) - أن استدلال الشهيد في الذكرى بما ذكره من صحيحة زرارة وقوله:
" وهو دليل على الانحناء هذا القدر " إنما وقع في مقام الاستدلال على أصل الانحناء ردا على أبي حنيفة وإلا فالرواية المذكورة صريحة كما عرفت في أن هذه الكيفية إنما هي على جهة الفضل والاستحباب.