والعرف يساعد ما ذكره المتأخرون فإن مجرد سماع القريب مع عدم الاشتمال على الصوت الظاهر أنه لا يطلق عليه الجهر عرفا. وبالجملة فالمتبادر عرفا من الجهر هو ما اشتمل على هذا الجرس الذي هو الصوت وإن كان خفيا وما لم يشتمل عليه فإنما يسمى إخفاتا وإن سمعه القريب. وأما ما ذكره شيخنا المشار إليه في آخر كلامه بقوله: " وربما فهم بعضهم.. الخ " فقد عرفت وجهه مما تقدم.
وكيف كان فإنه لا يعتد في الاخفات بما دون اسماع نفسه لما عرفت من الأخبار المتقدمة من تفسير الاخفات المنهي عنه بما لا يسمع نفسه.
ويؤيده ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) قال: " لا يكتب من القرآن والدعاء إلا ما أسمع نفسه ".
وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " سألته هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ قال لا بأس بذلك إذا أسمع أذنيه الهمهمة ". وأما ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) - (3) قال: " سألته عن الرجل يصلح له أن يقرأ في صلاته ويحرك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال لا بأس أن لا يحرك لسانه يتوهم توهما " - فقد حمله الشيخ في التهذيب على من يصلي مع قوم لا يقتدي بهم واستدل عليه بما رواه عن محمد بن أبي حمزة عن من ذكره (4) قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام) يجزئك من القراءة معهم مثل حديث النفس ".
أقول: وقريب منه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين (5) قال " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يصلي خلف من لا يقتدي بصلاته