فأن يقول الرجل: السلام عليك [أ] ويرده فيقول:
وعليك، ولا يقول وعليكم السلام، ويكره تجاوز الحد في الرد كما يكره الغرار، وذلك أن الصادق (عليه السلام) سلم على رجل فقال له الرجل:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقال: لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم (عليه السلام) * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) * (1).
- وقال (صلى الله عليه وآله): " لا تناجشوا ولا تدابروا ".
معناه أن يزيد الرجل الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، ولكن ليسمعه غيره فيزيد لزيادته، والناجش الخائن. وأما التدابر فالمصارمة والهجران، مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره ويعرض عنه بوجهه (2).
- محمد بن موسى بن الموكل رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن جعفر قال: حدثني موسى بن عمران قال: حدثني عمي الحسين بن يزيد، عن حماد بن عمرو النصيبي، عن أبي الحسن الخراساني، عن ميسرة بن عبد الله، عن أبي عائشة السعدي، عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وعبد الله بن عباس قالا: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته - وهي آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى لحق بالله عز وجل - فوعظ بمواعظ ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، واقشعرت منها الجلود، وتقلقلت منها الأحشاء، أمر بلالا فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس، وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى ارتقى المنبر فقال: أيها الناس ادنوا ووسعوا لمن خلفكم [قالها ثلاث مرات] فدنا الناس وانضم بعضهم إلى بعض، فالتفتوا فلم يروا خلفهم أحدا، ثم قال:
يا أيها الناس: ادنوا ووسعوا لمن خلفكم، فقال رجل: يا رسول الله لمن نوسع؟ قال:
للملائكة، فقال: إنهم إذا كانوا معكم لم يكونوا من بين أيديكم ولا من خلفكم ولكن يكونون عن أيمانكم وعن شمائلكم، فقال رجل:
يا رسول الله لم لا يكونون من بين أيدينا ولا من خلفنا، أمن فضلنا عليهم أم فضلهم علينا؟ فقال:
أنتم أفضل من الملائكة، اجلس فجلس الرجل فخطب رسول الله فقال:
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أيها الناس إنه كائن في هذه الأمة ثلاثون كذابا، أول من يكون منهم صاحب صنعاء وصاحب اليمامة (3)، يا أيها الناس إنه من لقى الله عز وجل يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا لم يخلط معها غيرها دخل الجنة.
فقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي كيف يقولها مخلصا لا يخلط معها غيرها؟ فسر لنا هذا حتى نعرفه، فقال: نعم