ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم، وعاش بعد الطوفان سنة حتى كثر الناس وفشوا (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة وخمسمائة سنة، منها ثمانمائة وخمسون سنة قبل أن يبعث، وألف سنة إلا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم، ومائتا سنة في عمل السفينة، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء، فمصر الأمصار وأسكن ولده البلدان. ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس فقال: السلام عليك، فرد عليه نوح وقال له: ما جاء بك يا ملك الموت؟ فقال:
جئت لأقبض روحك، فقال له: تدعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم، فتحول نوح (عليه السلام) ثم قال: يا ملك الموت! فكأن ما مر بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل، فامض لما أمرت به، قال: فقبض روحه (عليه السلام) (2).
أبحاث حول قصة نوح في فصول وهي أبحاث قرآنية وروائية وتاريخية الإشارة إلى قصته:
ذكر اسمه (عليه السلام) في القرآن في بضع وأربعين موضعا يشار فيها إلى شئ من قصته إجمالا أو تفصيلا، ولم تستوف قصته (عليه السلام) في شئ منها استيفاء على نهج الاقتصاص التاريخي بذكر نسبه وبيته ومولده ومسكنه ونشوئه وشغله وعمره ووفاته ومدفنه وسائر ما يتعلق بحياته الشخصية، لما أن القرآن لم ينزل كتاب تاريخ يقتص تواريخ الناس من بر أو فاجر، وإنما هو كتاب هداية يصف للناس ما فيه سعادتهم، ويبين لهم الحق الصريح ليأخذوا به فيفوزوا في حياتهم الدنيا والآخرة، وربما أشار إلى طرف من قصص الأنبياء والأمم لتظهر به سنة الله في عباده، ويعتبر به من شملته العناية ووفق للكرامة، وتتم به الحجة على الباقين.
وقد فصلت قصة نوح (عليه السلام) في ست من السور القرآنية وهي سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة المؤمنون، وسورة الشعراء، وسورة القمر، وسورة نوح، وأكثرها تفصيلا سورة هود التي ذكرت قصته (عليه السلام) فيها في خمس وعشرين آية (25 - 49).
قصته (عليه السلام) في القرآن:
بعثه وإرساله:
كان الناس بعد آدم (عليه السلام) يعيشون أمة واحدة على بساطة وسذاجة وهم على الفطرة الإنسانية، حتى فشا فيهم روح الاستكبار وآل إلى استعلاء البعض على البعض تدريجيا واتخاذ بعضهم بعضا أربابا، وهذه هي النواة الأصلية التي لو نشأت واخضرت وأينعت لم تثمر إلا دين الوثنية والاختلاف الشديد بين الطبقات الاجتماعية باستخدام القوي للضعيف، واسترقاق العزيز واستدراره للذليل، وحدوث المنازعات والمشاجرات بين الناس.
فشاع في زمن نوح (عليه السلام) الفساد في الأرض، وأعرض الناس عن دين التوحيد وعن سنة العدل