إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.
وأنجز (عليه السلام) ما ذكره لهم من المعجزات كخلق الطير، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، والإخبار عن المغيبات بإذن الله.
ولم يزل يدعوهم إلى توحيد الله وشريعته الجديدة حتى أيس من إيمانهم، لما شاهد من عتو القوم وعنادهم واستكبار الكهنة والأحبار عن ذلك، فانتخب من الشرذمة التي آمنت به الحواريين أنصارا له إلى الله.
ثم إن اليهود ثاروا عليه يريدون قتله فتوفاه الله ورفعه إليه، وشبه لليهود: فمن زاعم أنهم قتلوه، ومن زاعم أنهم صلبوه، ولكن شبه لهم (آل عمران آية 45 - 58، الزخرف آية 63 - 65، الصف آية 6 و 14، المائدة آية 110 و 111، النساء آية 157 و 158) فهذه جمل ما قصه القرآن في عيسى بن مريم وأمه.
2 - منزلة عيسى (عليه السلام) عند الله وموقفه في نفسه:
كان (عليه السلام) عبدا لله وكان نبيا (سورة مريم آية 30) وكان رسولا إلى بني إسرائيل (آل عمران آية 49) وكان واحدا من الخمسة اولي العزم صاحب شرع وكتاب وهو الإنجيل (الأحزاب آية 7، الشورى آية 13، المائدة آية 46) وكان سماه الله بالمسيح عيسى (آل عمران آية 45) وكان كلمة لله وروحا منه (النساء آية 171) وكان إماما (الأحزاب آية 7) وكان من شهداء الأعمال (النساء آية 159، المائدة آية 117) وكان مبشرا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (الصف آية 6) وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين (آل عمران آية 45) وكان من المصطفين (آل عمران آية 33) وكان من المجتبين، وكان من الصالحين (الأنعام آية 85 - 87) وكان مباركا أينما كان، وكان زكيا، وكان آية للناس ورحمة من الله وبرا بوالدته، وكان مسلما عليه (مريم آية 19 - 33) وكان ممن علمه الله الكتاب والحكمة (آل عمران آية 48).
فهذه اثنتان وعشرون خصلة من مقامات الولاية هي جمل ما وصف الله به هذا النبي المكرم ورفع بها قدره، وهي على قسمين:
اكتسابية كالعبودية والقرب والصلاح، واختصاصية، وقد شرحنا كلا منها في الموضع المناسب له من هذا الكتاب بما نطيق فهمه، فليرجع فيها إلى مظانها منه.
3 - ما الذي قاله عيسى (عليه السلام)؟ وما الذي قيل فيه؟
ذكر القرآن أن عيسى كان عبدا رسولا، وأنه لم يدع لنفسه ما نسبوه إليه، ولا تكلم معهم إلا بالرسالة، كما قال تعالى: * (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم * قال الله هذا